قلنا في زاوية الأمس إن الحديث عن طبائع البشر يطال المرأة أيضاً من حيث كونها الوجه المقابل والمكمل للرجل، فالنساء والرجال يستوون في آدميتهم وقابلياتهم العامة، مع ملاحظة الفوارق البيولوجية والوظيفية النابعة من حكمة إلهية. وعندما أشرنا إلى العلوم التي مازجت بين الطبيعة والناس وقفنا على أربعة أنواع من البشر .. وهم المائيون والترابيون والهوائيون والناريون، ووقفنا على نسبية الطبائع من حيث أن المائيين لا يستوون جميعاً في خصالهم التفصيلية، ولكنهم يتشابهون في الخصال العامة، وهذا ينسحب على بقية الفئات الأربعة. للمرأة حظها الوافر من هذ الفئات، وسنتوقف هنا أمام طبيعة المرأة المائية وخصالها ومواهبها، وأيضاً مثالبها الناجمة من هذه الطبيعة ذاتها، فالمرأة المائية إنسانة ناعمة في قدرتها على التكيف مع الأحوال المختلفة مما يضفي عليها صبراً ومرونة في التعامل مع المحيطين بها، وبهذا المعنى تكون المائية منتصرة في حروبها الساخنة والباردة، لأنها إذا ما خاضت حرباً ساخنة ومباشرة اتسمت بقدر كبير من الحلم والتؤدة، مما يجعلها تتباعد عن ردود الأفعال العاطفية وتُحكّم العقل وتنتصر في نهاية المطاف، وإذا ما خاضت حرباً باردة فإنها تنجح أيضاً؛ لأنها تردم المسافة بينها وبين الخصم .. أياً كان هذا الخصم، ولهذا السبب كانت مثابة المرأة المائية كمثابة الماء .. ألا ترى أن الماء يمكنه أن يهد أعتى السدود، وأن ينال من كل الكوابح، وأن ينساب من أي مضيق ليفسح لنفسه طريقاً واسعاً لا مرد له؟. الزوجة المائية تنتصر على الزوج إن كان نارياً .. لأن الماء يطفئ النار، وتتعايش إيجاباً مع الزوج الترابي؛ لأن الماء والتراب نعمة كبرى وسبب أساسي للزرع والضرع والنماء، وإن كان الزوج مائياً من ذات الطبيعة فإن الانسجام بينه وزوجته يتسم بقدر كبير من التوازن الدقيق، فلا طرف يمكنه أن يغلب الآخر. يبقى الزوج الهوائي القادر على إرهاق الزوجة المائية، والعصف بثوابتها، وإشغالها بصغائر الأمور .. الأمر الذي قد يوصل إلى خصومة مؤكدة . هذا التوصيف الذي نورده ليس جبراً لا مفر منه، لأن الله منح الإنسان نعمة العقل وحسن التصرف، كما أن للتربية ومكارم الأخلاق أثراً حاسماً في تهذيب الخصال السلبية إن وجدت، وتنمية القيم الإيجابية أيضاً، ولهذا السبب اعتبر هذه المقاربات من لطائف الإشارات المرتبطة بطبائع الناس رجالا ًونساء .