بعدما سقط قتيلان في أقل من 24ساعة بمدينة ذمار وحدها ناهيك عن الاشتباكات المتفرقة بالأيدي أو السلاح الأبيض التي وقعت في حوادث سابقة علاوة على تعرض قاطرة ديزل لرصاصات مسلحين لأسباب توزعت بين جشع المتنافسين على الاتجار بها في السوق السوداء أو الانخراط القسري في طوابير لا نهاية لها في محطات الوقود أملاً في الحصول على كمية مناسبة منها يحق لنا أن نقرع جرس الإنذار من ما قد تجره مثل هذه القضايا وأشباهها القابلة للتكاثر والاتساع - من ويلات على المدى القريب والبعيد فهذه التطورات الناجمة عن أزمة المشتقات النفطية توحي بأن البلاد على أعتاب الانزلاق إلى مربع “الثأر النفطي” إن صح التعبير على منوال الثأر القبلي والشواهد ماثلة للعيان ولا تحتاج إلى إثبات لذلك لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير المشتقات النفطية وإراحة الناس من وجع الرأس فقد أوشكت محطات الوقود أن تتحول إلى مصدر حقيقي لإقلاق الأمن وهتك البقية الباقية من السكينة العامة التي تعاني أصلاً من استقرار هش قابل للكسر في أي لحظة فالوضع الداخلي للبلد لم يعد باستطاعته تحمل المزيد من العنف خاصة وأن ميراث اليمن من صنوف العنف المختلفة فاق كل تصور والمشكل أن هذا الميراث الثقيل الجاثم على الصدور لم يتزحزح قيد أنملة لغياب وسائل وأدوات مواجهته وكبح جموحه الغاشم الذي يشهد تصاعدا يوميا في الوتيرة والأداء.. لقد عرف اليمنيون منذ عشرات بل مئات السنين فصولا دامية من الثارات القبلية التي نخرت نسيج المجتمع وماتزال تداعياتها المدمرة تأخذ مداها حتى الوقت الحاضر ورغم أن بعضها يعود إلى شرارة اصطنعها الآباء والأجداد إلا أن الثقافة القبلية والعرف العشائري يستوجبان الاقتصاص من الغريم بسلاح القبيلة لغسل العار الأمر الذي يدفع الطرف الآخر للرد بالمثل وهكذا تتعاقب الأجيال مهمة التربص بالعدو في دورة دموية قلما نجحت الجهود والمساعي الخيرة في إطفاء جذوة نفير الجاهلية الأولى والثانية فيما الكثرة الكاثرة منها كما هو معلوم ماتزال فتية وفي عز شبابها رغم أن عمر بعضها يتجاوز ال50 أو 60 سنة لكنها تستمد عوامل خلودها من الفكر البدائي العفن الذي يعززه ضعف الدولة ورخاوة أجهزتها التنفيذية والقضائية. أثناء مغادرتي منزل مدير عام شرطة ذمار أصابني الذهول وأنا أرى عشرات المسلحين يتمركزون في زوايا ومنعطفات الطريق الفرعي المؤدي إلى البوابة الخارجية وأصابعهم على الزناد استعدادا لما سيسفر عنه لقاء مندوبيهم مع رأس شرطة المحافظة والسبب تعرض قاطرة ديزل ينتمي صاحبها للقبيلة لإطلاق نار من مسلحين ينتمون إلى قبيلة أخرى وما فهمته أن الدولة اذا لم تقم بواجبها في ضبط الجناة فإن القبيلة لن تتأخر في البطش بالمعتدين لأن كرامة صاحب القاطرة من كرامة القبيلة.... ألا تدل هذه الحادثة على أن المشاكل المترتبة على أزمة المشتقات النفطية تجرجرنا نحو هاوية “الثأر النفطي” الذي لن ينتهي بنهاية الأزمة النفطية إذا ما قدر لها النهاية لذلك نعول على التعديل الحكومي أن يؤتي ثماره على وجه السرعة والعمل على الحيلولة دون السقوط في وادي ثارات الذهب الأسود من خلال توفير البنزين والديزل والغاز وبالأخص أننا على أعتاب شهر رمضان الكريم الذي ترتفع فيه معدلات الجريمة التي غالبا ما تحدث لأتفه الأسباب مع أن الشياطين في أشهر الصوم السابقة كانت مصفدة والمشتقات النفطية متوفرة فكيف سيكون عليه رمضان 2014م وهذه المشتقات في جبهة (جبين) الأسد كما يقال......! رابط المقال على الفيس بوك