تسريب مادة الامتحانات المتتالي ليومين كشف عن مصيبة أخرى في التعليم غير ظاهرة الغش التي أكلت الأخضر واليابس وجفّفت المدارس والجامعات من منابع العلم والتعلم, فالتسريب هنا لم يكن غشّاً بل حرب موجّهة ضد استقرار اليمن وضد العملية التعليمية هدفه سياسي وواطئ وهو عمل خرج من داخل مؤسسات الامتحانات التي يفترض أن تكون أمينة على الوطن وبقدر حجم الأمانة في مثل هذه الأعمال. التسريب خرج على طول إلى الإعلام بقصد المكايدة وإفشال الوزير وهو عمل خارج عملية النقد أو المعارضة ويدخل في دائرة الخيانة التي تكشف عن صاحبها وهبوط تفكيره. يتحرّك كل شخص بأجندته الخاصة؛ بل بأحقاده الخاصة ويكسرون صحون البلاد وبيضة التعليم كوسيلة حرب سياسية مثلها مثل ضرب الكهرباء وضرب النفط، هذا لا يتم في أي بلاد؛ لأن الحد الأدنى من المواطنة لا يجعلهم يفكّرون في ضرب مصالح الشعب والانتقام منه تعليماً وكهرباء ونفطاً؛ هذا انحطاط رهيب ظهر هذه الأيام ويجب محاصرته كمرض ووباء يهدّد المواطنة. ما هي المواطنة إذا لم تكن شراكة وطنية في حماية مصالح الشعب ومؤسساته من الجميع حتى لو اختلفوا أو «تضاربوا»..؟!. لكن الجميع عليه حماية الدولة والمجتمع كل من موقعه بغض النظر عن الخلافات التي يجب ألا تؤثّر في الأمانة الوظيفية. إما أن يستغل البعض موقعهم في الوزارة فيقومون بتسريب الامتحانات للإعلام؛ فهذا كشف عن معدنهم وليس بطولة، فمن السهل الخيانة لعملك ولما ائتمنت عليه مثلما تحتاجه أن ترمي بضميرك في القمامة. قبل يومين في مقيل عام ذهلت وأنا أرى مسؤولاً كبيراً في التربية لديه حقد سياسي يتحدث بتشفٍ وفرح عن إلغاء الامتحانات لليوم الثاني وكأنه حقق انتصاراً كبيراً؛ مع أنه كمسؤول كان عليه أن يحزن، فالمسؤولية تضامنية والمصلحة الوطنية واحدة. لكن يبدو أن عقوداً من الفساد قد جرفت ضمائر الناس ولم يتبق إلا رحمة ربي بهذا الشعب؛ لأن الحامي عندما يتحوّل إلى حرامي على هذا النحو نكون قد وصلنا إلى الحد الأدنى في مستنقع التلوّث الأخلاقي والقيمي. تسريب الامتحانات هذا العام إدانة للضمائر وتسود وجوهاً وجهات أسهمت في هذا العيب الأسود؛ وهو يختلف عن التسريبات التي كانت تُجرى في المراكز بهدف الغش من مدير مركز مثلاً؛ التسريب هذا العام كان ممنهجاً وخبيثاً وواطئاً خرج من دائرة مؤتمنة إلى الإعلام مباشرة ضمن خطة تخريبية تظن أو تتوهّم أنها بهذا الانحلال تستطيع تركيع الشعب اليمني. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك