التحليقة الأولى لشاعر العروبة والإسلام الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله: كلما أمعن الدجى وتحالك شمت في غوره الرهيب جلالك وتراءت لعين قلبي برايا من جمال آنست فيها جمالك وتهادى لمسمع الروح همسي من شفاه النجوم يتلو الثنا لك واعتراني تولّهٌ وخشوع واحتواني الشعور أني حيالك ما تمالكت أن يخر كياني ساجدا ً واجدا ً ومن يتمالك الشاعر يعلمنا أن صاحب القلب الحي المتصل بالله لا ييأس ولا ينبغي له أن ييأس، فصاحب القلب العامر بالثقة بالله شعاره لو أنت بين فكي أسد ولكن قضاء الله لم يأتِ فإن الفرج آتٍ لا محالة فالإبراق سيأتي من قلب الصاعقة كما يقال. ثم إن صاحب القلب الخاشع يأنس بكل شيء في الوجود ويحس أن كل شيء يسير في فلكه شاد ً إزره كيف لا.. والله يقول (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) إذن فالكون كله رفيقك وصاحب هذا الشعور يعيش في أمان، فالكون كله رفيق وصاحب بل وميض النجوم يردد مع الكون الثناء لله عز وجل، وهنا يزداد المؤمن خشوعاً وتحلّق روحه في الملكوت الأعلى فينسى كل ما حوله سواء ً كان موحشاً أم مؤنساً لم يعد يهم شيء لأنه قد دخل في عالم آخر (أني حيالك) وإذن فمن هو في معية الله لا خوف عليه، غير أن هذه التحليقة الروحية لصاحب الإيمان الحق تقذف في خلق آخر هو أقوى صفات المؤمنين بل هي صفة نادرة قلّ من يتحلّى بها إلا من وفقه الله وتولى قياده إنه خلق (التواضع) فهو لم يأخذه الغرور ولا العجب وإنما عندما أحس أنه في معية تواضع أمام هذا الجناب العظيم فسجد وعفر وجهه وهنا ترتفع معنويته وتزداد الثقة بالنفس ويتجدد الأمل، ومن تواضع لله رفعه، فالتواضع حقاً هو (مجمع الفضائل). وكما يقول علماء التزكية: إن الطرق والأبواب المؤدية إلى الله مزدحمة بالسالكين، إلا باب التواضع فإنه خالٍ، قليل رواده. اللهم إنا نسألك إيمانا ً صادقاً وقلوباً مخبتة خاشعة تستحضرك في كل حركاتها وسكناتها وأجعلنا لعظمتك متواضعين وأصرف عنا العجب والغرور وأفض علينا من حبك ورجائك آمين.