من أسوأ الأعوام التي تمر بها المدينة وأشدها وطأة ,هذا العام التي أصبحت فيه المدينة غارقة بالوحل وأقصد بمياه الصرف الصحي التي تجري وبلا حياء في شوارع المدينة في الأحياء وفي الطرقات الرئيسية ,حتى يكاد لا يمر عليها يوماً إلا وهي تزدان بروائح المجاري الكريهة ,ناهيك عن القمامات المتراكمة هنا وهناك والمتطايرة في كل مكان. مدينة باتت تعكس مشاعر أهلها الذين لم يجدوا حرجاً من المرور يومياً على هذه المناظر والقفز على الشوارع تجنباً لمياه المجاري دون إبداء أي انزعاج مما صار إليه حال المدينة ,هذا في الشوارع العامة ماذا عن الأسواق الشعبية بما فيها السوق المركزي؟ منظرها مريع لا يبعث على الارتياح أثناء التجول فيها ,والأمر المقلق في هذا هو هذا الصمت من قبل السلطة المحلية التي كما يبدو لا يتنقل أعضائها من هذه الأماكن أو الشوارع وكأنهم يعيشون في أبراج عالية بعيدة عما يحدث في المدينة. أو أنهم يتنقلون في سيارات مغلقة النوافذ حتى لا يصابون بالأمراض الناتجة عن تدهور أوضاع المدينة خشية على صحتهم ,وبالنسبة للمواطن العادي لأيهم لأنه متعود يعيش في كل الظروف التي أصبحت اليوم لا تطاق مع انطفاءت الكهرباء وانعدام المياه والديزل ,مع القلق والخوف والهم الذي يعيشه الجميع من المواطنين العاديين وهم يبحثون عن فرص للعيش الكريم رغم ما يتابعونه من أخبار القتل الوحشي والصراعات السياسية الحزبية على السيطرة على الحكم سواء في عمران أو في شبوة أو في حضرموت وأبين .كل ما يحدث في البلاد يؤثر على حياة الناس والمدينة باعتبارها جزء من هذا الوطن المذبوح تحت مسمى الربيع العربي الذي لم يزهر بعد حتى الأيام بل أصبح ساحة للتناحر للأحزاب تسعى للسلطة وليس لاستقرار الحياة لشعوبها التي لازالت تدفع ثمن تناحرها حتى اليوم .. تعز المحافظة التي أطلق عليها وبقرار رسمي أنها عاصمة للثقافة ,أصبح حالها يناقض قرارها لأنها مدينة تفتقر إلى حيوية المدينة ونقاء الريف. مدينة ملوثة تسكنها الآفات والميكروبات والأمراض التي يفترض أن تنتهي منها كالاسهالات وأمراض الجهاز التنفسي والحميات التي عادة تنتشر وتستوطن بسبب انعدام النظافة في البيئة التي تشكل تهديداً كبيراً على سلامة وحياة السكان الذين يعاني البعض منهم من سوء التغذية ومنها حالات التقزم عند الأطفال دون الخامسة كما هو الحال في منطقة السهول والساحل بالمحافظة. لماذا أطلق عليها عاصمة للثقافة ولا يوجد بها متحف يؤرخ لها كمحافظة تاريخية أثرية بالمحافظة شهدت عبر تاريخها القديم الكثير من الأحداث التي تركت آثارها في الأثر الذى بات اليوم يُهدر وتُطمس معالمه بسبب الإهمال .. والسؤال هنا إلى متى ستظل تعز تعيش في كوابيس لا تتنهي ولا تستفيق منها إلا لتعيش كابوسا آخر من الفقر والمرض والجهل في ظل سلطة محلية ضعيفة لم تستطع تنفيذ وعودٍ بجعلها محافظة تسارع الخطى إلى المدنية التي لطالما حلم بها الناس ليس خلال السنوات الأربع الماضية بل منذ أزمان بعيدة باعتبارها بلدا كانت ذات يوم بلد الثقافة قبل ثورة 26 سبتمبر وإلى العام 86م بعدها دخلت المحافظة وبالذات المدينة التي كانت ولاتزال حالمة لم تجد من ينتشلها من حلمها حتى اليوم في صراعات السلطة والتقاسمات الحزبية المتخلفة التي أحالت المدينة إلى مجرد مبانٍ أسمنتية مغلقة على سكانيها وحوّلت ثقافة المدينة إلى دكاكين مفرغة إلا من بيع كتب الطبخ ونصائح الزوجية , دكاكين قابلة للتحول في كل شهر مرة. كلمات: أمرُّ من هذا الشارع وذاك أبحث عن وردة قرنفل عن حياة أبحث عن حلة المطر على المباني على الطرقات وكل يوم أمرُّ في هذا الطريق وذاك أعود إلى ذاتي أحمل بين حناياي حنين لمدينة كنت أعرفها كنت أعشقها واليوم أين هي مدينتي؟! التي صارت مكب للقمامات والأخلاق ...