سنتناول في حلقة اليوم لوناً من الشعر الشعبي الذي اشتهر في وادي حضرموت وهو لون أو شعر ( القنيص ) الذي يصور عادة موسمية اشتهرت منذ القدم تمثلت في قنص “ الوعول” في جبال وأودية حضرموت بطقوسها وأيامها المعدودة . في كتابه القيِّم (الأهازيج الشعبية في الخليج والجزيرة العربية ) ، يقول الدكتور / عبد الحكيم الهويدي : (....وما زال أهل حضرموت يمارسون هواية القنص حتى الآن. وكانت رحلة الصيد تستغرق خمسة أيام ولكل يوم عاداته وطقوسه. وقد شرح شاعرهم المعلم ابن عبد الحق هذه الطقوس في قصيدة يتغنى بها القنَّاصة. وسنكتفي بإيراد قوله في وصف اليوم الخامس وهو يوم عودتهم من القنص ، وهو ما يعرف (بالزَّف)، حين يزّفون الوعل أو الظبي الذي اصطادوه وهم يردِّدون الأهازيج فرحاً وطرباً. وفي ذلك يقول المعلم عبد الحق : ويوم الزَّف أوجاهكم سمحاء رضيّه وعبد الحق ما راد من قوله جزيّه سوى المطلوب عَطْوه من المولى غبيه يجمِّلكم ويعطي العرب رحمه هنيه وعادة ما تبدأ أهازيج القنص بعبارة (بني مغراه) وهي في الأصل السلسلة أو قطعة الجلد التي تربط في رقبة كلب الصيد، ثم أصبحت تطلق على أرباب كلاب الصيد. ومن تلك الأهازيج قول المعلم عبد الحق : بني مغراه زال الغَلَس والشوش والهمْ تنسَّم خاطري يوم شفت الوعل لَبْهمْ كبير العار لي منه الخاطر تنسَّمْ وجابوا به عوادي كما الغلو الملجَّمْ نهار الزَّف غنى لهم قاني الموشمْ صغير السن حيطه من أهل السب والنمْ والدكتور / هويدي محق في تفسير استخدام أهل القناصة لكلاب الصيد ، وهم يطلقون عليها اسم “ السلوقي “ وهي فصيلة من كلاب الصيد شهيرة في العالم ،وجاء ذكرها في كثير من قصائد القنيص . ومنها أبيات الشاعر / علي بن حسن العطاس التي تقول : وبالسّلق الضواري سريعات السباحه اذا غارت على الصيد ماتهمل كفاحه وكم من سلق مصيون ماتسمع نباحه متى صادف ابن اعصم المصنوع راحه و قبل أن نعرض لكم وصف القنيص وأدواته وأماكنه وطرائقه في وادي حضرموت ، نقدم لكم نماذج وجيزة من قصائد أهم شعرائه. يقول / المعلم عبد الحق: بني مغراه يا مبرك الجمعة والاثنين لهن تشريف زايد لياليهن يسرين يجلَّين الكدر والغلس من يوم يضوين كلامي صدق باحلف لمن ينكر يمينين ويقول الشاعر / محمد صالح المعلم باحفي : وكم عدّ ت علي من شجون أيام وليال رعا الله ما مضى يا حلا ذ يك اليالي زمان الصفو واللهو نطلع روس لجبال سعوف أجواد دحقو شنا طيب الجبالي ويقول الشاعر /علي بن حسن العطاس : بني مغراه وعد الخلا هبَّت رياحه سرت بالليل نكّشت على قلبي جراحه وزاغت من غصون الهوى عندي سناحه بغينا في الجبل في طلاب الصيد ماحه ويقول الشاعر / ربيع عوض : ذكر القناصه في ( مدوده ) يشفي القلب الحزين من تخرج الرخصة وهم حول المقدم جالسين ( في الحلقة القادمة سنواصل معكم التعرف على رياضة (القنيص) وطقوسها ).