عندما أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية الانفراد بالعالم، سعت إلى الإطاحة بالمنافس القوي، ذي التأثير الكبير، حشدت وسخّرت كل القوى، لإضعاف المعسكر الشرقي (الاتحاد السوفيتي) وتفكيكه إلى دول، ولم تستبعد أيّ طرف يشاركها هذا الدور ، حتى من تختلف معه إيديولوجياً، كانوا على صعيد واحد، في حرب أفغانستان ضده. التقت مصلحة أمريكا مع مصلحة الحركات الإسلامية الجهادية المتشدّدة المناصرة للأفغان، أمام عدو مشترك ،كلٌّ ينظر إليه حسب مشروعه المراد إقامته بعد زواله. باركت الولاياتالمتحدةالأمريكية قتال القاعدة (لم تكن وقتها تحمل هذا الإسم وإنما صارت فيما بعد تسمّى بالقاعدة) بل ودعمتها بطرق غير مباشرة، وعبر قنوات مختلفة. لم تكن الحركات الإسلامية الجهادية أدوات بيد أمريكا لتدمير السوفيت، ولم يقاتلوا من أجلها كما روّج البعض بذلك، وإنما من أجل نصرة الأفغان، المختلف تماماً عن المشروع الأمريكي التوسعي. بعد حرب أفغانستان ضعف الاتحاد السوفيتي وتفكك ،وصعدت أمريكا، وصارت أحادية التأثير والهيمنة على العالم، وذابت الحركات الإسلامية الجهادية في قالب القاعدة. معادلة المصالح بعد انتهاء الدور ،تفرز متغيرات أخرى مختلفة تماماً عن متغيرات سابقة، فالقاعدة لم تعد عدوة عدو أمريكا، وإنما صارت العدو الأول لها. هذه المعادلة لا تختلف عن نتائج دور الحوثي في إضعاف وتفكيك منظومة بعض المشايخ والقادة العسكريين، المختلف معهم ،وإن كانت نتائج التفكيك تخدم الدولة بجزئية مهمة، من حيث إضعاف وإزاحة بعض مراكز القوى المعرقلة لدولة القانون؛ إلا إنها ستصبح هذه الأداة ،البديل الأسوأ ؛والعدو الأول، والعقبة الأبرز، أمام بناء دولة النظام والقانون. نحن مع تفكيك مراكز القوى التقليدية (مشايخ وعسكر) ،المؤثرة منذ فترة طويلة حتى الآن على القرار السياسي السيادي ،والمعرقلة بممارساتها لبناء دولة القانون، ولكن ليس بأدوات خارج المؤسسة العسكرية، فالمليشيات المسلحة لا تبني دولة، فمن يرفع السلاح في وجه الدولة لن يبنيها، ولن تترك السلاح بعد رفعه حتى تحقق مشروعها وإن كان لا يمثّل إلا قلة، ومن السذاجة التصديق أن كل دور وتضحية تقوم به لخدمة دولة القانون، المجهضة لكل مشروع لا يعبّر عن اليمنيين قاطبة، والملزمة بترك السلاح ،واحترام النظام والقانون، والعبرة فيما ذكر. الدولة هي صاحبة شأن التفكيك والإزاحة، للقوى المعرقلة المختلفة، وإعادة بناء دولة النظام القانون. [email protected]