«114» “6” وشيطنة الخلاف الشخصي بين حسين بدر الدين الحوثي وعلي عبدالله صالح والذي تحوّل إلى صراع دامٍ استمر خمس سنوات، وتم تجيير هذا الصراع لزعزعة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين صنعاءوطهران، وانزلقت هذه العلاقات إلى حرب إعلامية غير موضوعية تفتقر إلى قواعد العمل الدبلوماسي الأنيق التي تشتهر بها الدبلوماسية منذ ظهورها كوظيفة، وتوتير العلاقات السياسية والدبلوماسية بين صنعاءوطهران أدخل المشهد العسكري نفقاً شيطانياً، ضاعف من قوة أسرة بدر الدين الحوثي الذي استولى صبيانه على معدّات عسكرية متطوّرة تمكّنوا بها من السيطرة على صعدة، وأضعف في مقابل ذلك قوة الطُغمة التي حصدت الهزيمة العسكرية والسياسية، وتحوّلت قوة الردع العسكرية لأسرة بدر الدين إلى قوة نائمة ذات مهمّات تكتيكية في صعدة والأمكنة القريبة منها، ولذلك الموضع الاصطناعي نقلت طهران جزءاً من حربها الإقليمية والدولية إلى شمال صنعاء. “7” بروز الصحافة الورقية إلى قلب الأحداث المتصاعدة في صعدة والجنوب، وتشكيل جبهة مميّزة بخطاب معارضاتي ساخن، فاتحة ملفّات الطُغمة ليس فقط منذ حرب 1994م، ولكن منذ تحوصل رأس السلطة السابقة في حجر أسرته الصغيرة والغمز واللمز لتوريث كرسي الرئاسة كانقلاب على أدبيات الجمهورية التي طالما تغنّت بالمبادئ الستة التي خلقت وعياً زائفاً ولم تخلّف بيئة لمشروع الدولة. تصدّرت صحيفة “الثوري” فريق الصحافة المنحازة إلى قضايا الناس الجوهرية، وأنتجت خطاباً تحريضياً وتنظيمياً يليق برسالتها خاصة تحت قيادة خالد سلمان، وحصدت هذه الصحيفة منذ 1998م تاريخاً مجيداً من الاستدعاءات النيابية والمحاكمات غير المنصفة وغير العادلة، وبلغت القضايا المرفوعة عليها حتى 2007م حوالي 15 قضية إضافة إلى الملاحقات الأمنية والتهديد بالتصفيات الجسدية، وتلت هذه الصحيفة من حيث الخطاب المعارض صحيفة «الشورى» تحت قيادة عبدالكريم الخيواني، وهي حصدت أيضاً مجموعة من قضايا الاستدعاءات النيابية والمحاكمات. وبينما تمكّن خالد سلمان من النجاة بجسده من التصفية؛ وقع الخيواني فريسة القمع المبرح والمشين، وحفر هؤلاء الكُتاب والصحافيون قبراً للطُغمة العسقبلية الفاشية على الرغم من أن بعض هؤلاء لم يستطيعوا الصمود أمام تهديدات حياتهم وحياة أسرهم وأمام الإغراءات المالية، وتحوّلوا في وقت متأخر إلى حضانة الأمن السياسي والأمن القومي. الجدير بالذكر أن هذا القبر ظل مفتوحاً، وظل بعض الكُتاب يواصلون المسير بثبات في مناهضة الفساد والاستبداد العسقبلي الأكثر تخلّفاً في العالم. “8” ابتداءً من 2008م ازدهرت الاحتجاجات ضد الاستبداد والقمع، وتصدّرت هذه الموجة من الحراك مظالم وجيه المنطقة أحد مدّاحي رأس الطُغمة العسقبلية في صنعاء، وتصاعدت الاحتجاجات الرافضة لقمع الكُتاب والصحافيين، وشكّلت هذه الاحتجاجات التي قادتها بعض الجمعيات الأهلية قلقاً متزايداً لأجهزة القمع خاصة أن صداها وصل إلى المنظمات الحقوقية الدولية والتي عبّرت عن تضامنها مع المحتجّين، ولم تُحصر الاحتجاجات هذه بقضية المعذّبين من سكان «الجعاشن» التابعة لمحافظة إب؛ بل التهب حقل الحلقات النقاشية والمؤتمرات والندوات التي تناولت الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة.