القطب الثالث هو «اللقاء المشترك» الذي خسر الانتخابات الرئاسية سنة 2006م بعد تواطؤه مع علي عبدالله صالح عبر «بيان الأمر الواقع» الذي رفضه المرشّح المغدور به فيصل بن شملان. «اللقاء المشترك» الذي ظهر في بداية العقد الأول من هذا القرن كتحالف سياسي مدهش وغريب بين كيانات حتى 1997م متكارهة بفعل الاستقطابات الإقليمية الدولية؛ لم يقم على أسس استراتيجية تمثّل شبكة المصالح الاقتصادية المتعارف عليها؛ بل قام على أسس تكتيكتية تمركزت في التخلُّص من علي عبدالله صالح بوصفه قاسماً مشتركاً آنياً. وافتقر هذا التحالف إلى رؤى واضحة؛ بل غاب عنه «مشروع الدولة وكنهها السياسي والاقتصادي والثقافي» كما افتقر إلى صيغة وثيقة حكم تبيّن الآليات ونصيب المصالح الاقتصادية بصورة شفّافة في المناصب السياسية بالسلطة التنفيذية «الحكومة + الرئاسة». مصممو «اللقاء المشترك» أوصدوا الأبواب أمام مناقشة القضايا الخلافية الجوهرية بهدف كشف مظلّاتها ومحاولة التخفيف من بعض تداعياتها في المسار السياسي وعمل عمداً أو جهلاً على ترك «المتفجرات موصولة بصواعقها وأسلاكها» في الصالونات المغلقة، وفقط استوعبوا قضية واحدة وهي إسقاط علي عبدالله صالح من رئاسة السلطة العسقبلية، أما السلطة كلها فلم تُدرج في أجندتهم، ولذلك مارسوا سياسة «شيطنة» علي عبدالله صالح، وأبقوا الشياطين شركاء علي عبدالله صالح على مرجحة ما بين الشيطنة والأنسنة.. وانقسمت قيادة الإصلاح بين دعم علي عبدالله صالح ومناهضته علناً، حيث وقف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وعبدالمجيد الزنداني في مربع التأييد؛ بينما وقف فيصل بن شملان ومحمد قحطان وحميد بن عبدالله بن حسين الأحمر في مربع المناهضة السافرة، ودعا حميد الأحمر ومحمد قحطان مبكراً إلى تفجير “ثورة شعبية” ضد علي عبدالله صالح؛ الأمر الذي أدخل العلاقات بين “المشترك” وعلي عبدالله صالح في نفق أزمة سياسية شبكية غير قابلة للحلحة والحل..!!. وظلّ المشترك منعزلاً عن متن الأحداث التي قفزت إلى الصدارة وهي أحداث الصراع السياسي والعسكري بين أسرة بدر الدين الحوثي في صعدة والحراك السياسي السلمي في الجنوب من جهة؛ وبين الطُغمة العسقبلية الفاشية في صنعاء حينذاك؛ وليس فقط انعزلوا؛ بل بعضهم ناصب أسرة بدر الدين الحوثي والحراك الجنوبي العداء وانخرط في ارتكاب الآثام وجرائم الحرب والإبادة والبعض الآخر انخرط في لجان الوساطة لمصلحة الطُغمة.. وفي غضون السنوات ما قبل تفجُّر الانتفاضة؛ قاد «المشترك» سفينة الصراع السياسي مع الطُغمة وفقاً لشروط الطُغمة العسقبلية خوفاً من اتهامه في مداهنة أسرة الحوثي التي استقطبت اجتماعياً جل ما عرف بالهاشميين المنتمين إلى “قريش” في شمال شبه الجزيرة..!!. وتحوصل الصراع السياسي بين “اللقاء المشترك” والطُغمة العسقبلية الفاشيّة في مربع المكوّنات التي انشأتها وأدارتها الطُغمة وهي البرلمان ومجلس الشورى وغُرف أو قاعات الفنادق باهظة الكلفة، وأسفر هذا الصراع عن: “1” إعادة إنتاج الاتفاقات ذات المحتوى والخالية من المضمون الاجتماعي والتي كانت خيولها في يد رأس الطُغمة وتُدار بواسطة أجهزة الأمن والمخابرات. “2” البقاء في حالة المناكفة والمكايدة والمراوحة في الزمن الماضوي ودون حلٍّ جوهري.