مبادرة مجلس التعاون الخليجي كل تلك الأحداث التي تراكمت منذ 1962م مروراً بأحداث 1994م وأحداث 2004م 2009م المذكورة في السابق شكّلت مجمل العناصر الأساسية التي نشأ عليها الظرف الموضوعي للانتفاضة الملتبسة المنطلقة في مفتتح شهر فبراير 2011م، وحاول البعض استثمار وظيفتها كل بحسب حجم الأموال التي بحوزته سواء المال المحلّي أم المال السياسي الذي تدفق بغزارة إلى قنوات معلومة والذي انفجر في فبراير 2011م والمستمر حتى 23 نوفمبر 2011م لا يمت بأية صلات إلى مفهوم الثورة الشكلي والجوهري؛ ولكن يمكن المقاربة المجازية بينه وبين الانتفاضة بالمفهوم العام، وهي انتفاضة ملتبسة كما أدّعي، وأن الانتفاضة المكتملة هي تلك العملية المهيأة والمعدّة إعداداً تنظيمياً وجماهيرياً من قبل تنظيم أو حزب سياسي يمتلك رصيداً بين السكان أو من قبل تحالف عريض نخبوي من أحزاب وتنظيمات سياسية فاعلة امتلكت رؤية شاملة وواقعية وثاقبة للأوضاع التي تعيشها المجموعات السكانية المتنوّعة والمتوزّعة وعلى جغرافيا متنوّعة تفرض ثقافات غير نمطية على المستوى الجمعي ومحكومة بتنوّع التناقضات فيما بينها وهي المنتج الرئيس لمشرع الدولة أو تنميتها. والانتفاضة لا تتشرنق في شارع من شوارع المركز السياسي للسلطة المطلوب إسقاطها واستبدالها بسلطة التحالف السياسي، ولا تقبل أن يمدّد زمنها أشهراً تستقطب من يحتاجون إلى وجبة الغذاء أو قليل من “القات” وهي ليست منبراً للخطابة الحماسية المزيّفة والتصريحات المكرّرة لتسويق “حناجر الشقاة” بل هي فعل اللحظة الأكثر ديناميكية في حياة التحالف السياسي وجماهيره التي تحسم الحالة وتفر من الصمت إلى القول الفصل، الانتفاضة قيادة وإدارة ميدانية عالية الانتباه إلى كل جزئية قد تضر مسار الانتفاضة.. والانتفاضة الملتبسة هي غامضة الفعل وطويلة الأمد، حيث تفتقر إلى نضج الظرف الموضوعي، وهو القائد السياسي المالك للرؤية والمشروع والذي على ضوئه تلبّي الجماهير المنظمة وغير المنظمة الدعوة إلى ترك فراش الكسل وتتجه نحو الانتفاض والانقضاض وانتزاع السلطة في لحظة تكون الطُغمة المهيمنة على السلطة غارقة في ملذات الفساد الشامل. الظرف الموضوعي يتأهّب لتقبُّل المشروع الجديد حينما يكون الظرف الذاتي “الأفعال الواعية المقودة من حزب سياسي أو تحالف سياسي” قد وصل إلى ذروة نضوجه الفكري والسياسي وحقّق الارتباط بالجماهير وانحاز إلى رؤيته التي تبلورت خلال فترة إعداده للانتفاضة.. والالتباس “الغموض” هو صفة استحقتها الاحتجاجات المحصورة في ساحات القرى الكبيرة في المنطقة اليمنية كانت عبارة عن واحدة من تعبيرات الأجهزة التي اعتقدت أنها سوف تسرق الأضواء وتحوّل الأنظار عن الحراك السلمي الجنوبي كما عملت هذه الأجهزة لتحريك ما يُعرف بالحراك التهامي؛ غير أن السفينة أبحرت إلى شواطئ أخرى أهمها شاطئ إسقاط “علي عبدالله صالح” من رئاسة السلطة التنفيذية، واستمر الحراك السلمي الجنوبي في مساره. والتبست الانتفاضة أكثر فأكثر حينما نزلت تنظيمات وأحزاب اللقاء المشترك إلى الساحات ثم نحت نحو العنف بعد انقسام الطُغمة العسقبلية إلى قسمين؛ الأول متمسّك بالسلطة والثاني متمسّك بالسلطة؛ ولكن عبر تطويق الانتفاضة واستثمار حماس الشباب الذين تخيّلوا أنهم في الدرب السليم لتحقيق التسوية التاريخية أو الانسحاب من الشرنقة.