التحدي الأكبر الذي ينبغي على القوى السياسية أن تتجاوزه هو التخلص من التمترس خلف الأفكار الجامدة التي أثرت سلباً على الحياة السياسية والاجتماعية وأنتجت التناقض الحاد، ولا يمكن التخلص من ذلك إلا باعتماد الاعتدال والوسطية والقبول بالآخر وعدم الإساءة الملفقة ضد الآخر أو القول بما ليس فيه بهدف التحريض ضده، وهذا الاتجاه الوطني يحتاج إلى صدق النية والتزام الشفافية في مناقشة القضايا محل الاختلاف والكف عن الإثارة النارية التي تسبب تأزيم الحياة وتفكيك المجتمع. لقد مر اليمن بالعديد من التناقضات وجاءت الأحداث لتبين أن الاختلاف هو على السلطة فقط وما دون ذلك كان من وسائل القوى المتصارعة، وما دامت هذه هي حقيقة الصراع فقد برهن الشعب للقوى السياسية في الداخل والقوى الإقليمية والعالمية بأنه لن يقبل بحكم أحد إلا إذا وصل إلى السلطة عبر الوسيلة الوحيدة المشروعة وهي الانتخابات، ولذلك فإن على القوى السياسية أن تكف عن العبث وتعمل بإخلاص من أجل الوصول إلى الانتخابات الطريق الوحيد المشروع للوصول إلى السلطة، وعليها أن تستفيد من الوقت لمد جسور التواصل مع الشعب من أجل زرع الثقة وإزالة مخلفات الصراع العبثي الذي أهلك الحرث والنسل. إن العناد والمكابرة والغرور من مساوئ العمل السياسي الذي يقود إلى الفناء، ومادام الأمر كذلك فإن المطلوب اليوم هو فتح صفحة جديدة للقبول بالآخر واحترام رأيه والاتجاه نحو الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الحياة السياسية ومصدر السلطة والتخاطب معه بعين العقل وروح الحكمة وقوة الإيمان بالله رب العالمين وقدسية تراب اليمن الواحد والموحد، باعتبار ذلك علامة تبعث تفاؤل الشعب وتدفع نحو التعامل مع القوى السياسية التي تكف عن عقوقها للسيادة الوطنية المقدسة. إن المتغيرات العالمية والإقليمية الراهنة تفتح الباب أمام أبناء اليمن الذين مارسوا العقوق ضد الوطن لفتح صفحة جديدة في سجلهم السياسي لإعلان المصالحة الوطنية لتتشابك الأيدي من أجل إعادة بناء الدولة وتمكينها من فرض هيبتها وبسط نفوذها وسلطانها على كل المكونات البشرية والجغرافية دون استثناء، لأن الدولة هي بمثابة العقل الجمعي لكافة المكونات البشرية للدولة، وما لم تفرض الدولة سلطاتها على الكافة فإن الموضع آيل إلى التردي المتسارع، ومن أجل ذلك نقول لكافة القوى السياسية يكفي عقوقاً ويكفي غرورًا وصلفًا وقد حانت الفرصة لإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون بإذن الله.