إن الصراعات التي يعانيها اليمن ليست عفوية أو أنها تأتي من الداخل فحسب، بل إن هناك قوى خارجية ليس لها من همّ عبر التاريخ إلا إذكاء نار الفتنة في اليمن، وكلما فشل سيناريو للفتنة في اليمن أعدّت آخر مستغلة التناقضات الداخلية ومستفيدة من العقليات غير القادرة على الفهم الاستراتيجي لأبعاد ذلك الاستغلال العدواني، وقد استفادت هذه القوى الشريرة من قبول البعض بالتنازل عن عقله والاعتماد على ما يأتي من تلك القوى المعادية لليمن وجعل من نفسه أداة لتنفيذ سيناريوهات قوى الحقد التاريخية ووضع نفسه موقع الغدر. المطلوب اليوم من أجل تجاوز الخطر المحدق باليمن هو العودة إلى أحضان الوطن وعدم العقوق واستعادة العقل والخروج من دوامة الارتهان الذي أصيب به البعض والتخلّص من الالتزام لغير الوطن والتفكير بحرية مطلقة في كل الأحداث والتأمل في النتائج الكارثية والعمل على معالجة تلك النتائج والإدراك الواعي أن صناعة المستقبل لا يمكن أن يصنعها لنا الغير، بل لابد أن تتشابك الأيادي الوطنية وأن تخلص كل القوى الوطنية لفعل الوئام والتلاحم الوطني وأن تدرك أن الشراكة الحقيقة هي الانطلاقة الأولى صوب الأمل المشرق الذي ينتظره أحرار اليمن. إن المرحلة الحالية من الحياة السياسية قد شُحنت أثناء الأزمة الكارثية بما فيه الكفاية وقد جرّب كلٌّ الآخر وأدرك حجمه ولم يعد أمام الكافة غير الكف عن العبث والانطلاق نحو الشراكة الوطنية وأن يدرك الجميع أن الارتهان لغير الوطن وصمة عار تلاحق كل من يممم صوبه أو تنازعه نفسه بالاعتماد عليه، ولابد من اليقين المطلق أن اليمن الكبير بتاريخه وحكوماته لايمكن أن يبنيه فرد أو جماعة أو فئة أو طائفة منفردة، بل ان التاريخ المعيني والسبئي والحميري يعلمنا ان اليمن مهد الحضارات لم يبنها إلا كل المكونات البشرية وما برز فيها إلا الأفذاذ التواقون إلى التوحد وتجميع عناصر القوة القومية للجمهورية اليمنية، وهؤلاء وحدهم هم الذين خلّد التاريخ أسماءهم أما القزميون الذين فضلوا التشظي فإن ذكرهم عار على من ينتمي إليهم. إن الوقت قد حان للفعل الوطني الواحد والموحد من أجل صناعة المستقبل وتجاوز التحديات ولم يعد أمام اليمنيين بعد أن جرّبوا الفوضى وذاقو مرارة الحروب والدمار غير التوحد وبناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة بإذن الله.