والله لسنا بخير.. ولن نكون بخير ونحن نفكّر بهذه الطريقة، ونعيش بهذه الطريقة، وحتى نتألم بهذه الطريقة. الغريب في معادلة وطننا، أن الناس كلّما أتى عام تطوّروا وتقدّموا إلى الأمام، ونحن كل عام نعود إلى الوراء ألف خطوة وخطوة، ربما هي لعنة علينا بسبب القات الذي يبيعون لأجله أولادهم وحياتهم ومستقبلهم، وربما لأن الناس في بلادنا باتوا يجاهرون بالفسق والفجور وظلم الناس واضطهاد العباد، وسلب حقوقهم وتدمير حياتهم. قد يكون ما نعيشه حصاداً لذنوب خلت، وفساد عمّ، وظلم تفشّى، وحقوق سُلبت، لذلك لم يبق في وطننا ما نأسف عليه، فبين عشية وضحاها تنقلب الموازين، ونتحوّل من مكان إلى آخر، وتتبدّل المواقع لكن المتأمل يجد عدالة الله هي الأبرز في كل ما حول الصورة التي وصلنا إليها، فمن قاموا بالثورة التي أسموها بذلك، وكانوا يرددون أنها ثورة الجياع والفقراء، ولإحقاق الحق، ورفع الظلم والفساد عن الناس،ما أن وصلوا إلى الكراسي، حتى تحوّلت أكفّهم إلى مجرد جرّافات لأموال الدولة، وحقوق الناس وأحلامهم، وفتحوا جيوبهم وأرصدتهم على آخرها، وكانوا لا يعترفون إلا بمن ينتمي إلى حزبهم، فأقصوا الناس، وجعلوا من غير المهمشين مهمشين، وعاثوا في الأرض فساداً وضياعاً وجموداً وتكبّراً، ونظروا إلى الناس من برج عاجي، كأنهم وحدهم من يعرفون الله بطريقتهم هم، وغيرهم ليسوا من البشر ليصل بنا الحال الآن إلى حرب الشوارع، لتتحول البلاد إلى مجرد مسرح للاقتتال، للدماء والخراب والحزن واليُتم والضياع، وكلّهم باسم الوطن والدين، فهل تبقّى لنا من الحياة شيء، هل بات ممكناً أن نعيش حتى بأمان ولو لبرهة من الزمن، أو حتى يأذن لنا الله بالرحيل إلى الآخرة؟..لسنا بخير وهذا العام أسوأ من سابقه، فليتكم سمعتم في يوم العيد نواح الثكالى والأرامل والأمهات على فلذات أكبادهن، وعلى شباب بعمر الورد ذهبوا سدى، ولم ينصفهم أحد، أمواتاً وأحياءً، لقد تعبنا ولم يعد للأمل في قلوبنا مكان، بعد كل هذه الأرواح التي زهقت والدماء التي سالت، لكن ما دام ربنا مالك الملك مدبّر الأمر ينظر إلينا، فسندعوه ونبتهل إليه أن يأتي العيد القادم ونحن على الأقل معاً وبخير.