التصرّفات الدالة على المكايدة السياسية لبعض القوى لم تعد خافية على أحد من المتابعين لظهور التكتلات السياسية؛ لأنها أعطت انطباعاً لدى العامة قبل الخاصة أن تلك القوى قد تفوّقت وتفنّنت في اختلاق الأعذار والمبررات والسعي الدائم لاختلاق الأزمات لإلحاق الضرر بالوطن والمواطن، وقد أصبح كل ما لدى تلك القوى مكشوفاً أمام الشعب الذي صبر طويلاً على الأذى الذي تجرّعه بسبب الغواية والتغرير الذي مورس ضدّه أثناء الأزمة السياسية الخانقة ولم يعد أمام تلك القوى إلا الالتزام الصارم بالعهود والمواثيق لأنها الوسيلة الوحيدة التي تعطي هذه القوى فرصة استعادة ثقتها بقواعدها أولاً ثم بغيرهم من الناس. إن اليمن اليوم أمام مرحلة فاصلة؛ إما أن تؤسّس القوى السياسية لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار وبناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة من خلال إنجاز ما تبقّى من مهام المرحلة الانتقالية والمتمثّلة في إنجاز وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة وإعداد الدستور والاستفتاء عليه من أجل الوصول إلى حق الاختيار الحُر من خلال الانتخابات العامة، أو أن القوى الكيدية والتي عرفها الشعب تحكم على نفسها بالفناء من الحياة السياسية؛ لأن الشعب بات اليوم أشد تحسّساً من أي تصرّفات للغواية والمكر والخداع والتغرير الذي ذاق مرارته من 2011م وحتى اليوم. يستطيع المتابعون للشأن اليمني أن يجزموا أن الشعب اليمني قد منح القوى السياسية المتصارعة على السلطة فرصة ذهبية جديدة تمكّن تلك القوى من التكفير عن العقوق الذي تحمّل الوطن جوره وفواجعه، ثم له أن يتساءل: هل تلك القوى قادرة على تجاوز أخطائها وعقوقها للوطن ولديها الاستعداد المطلق للاستفادة من هذه الفرصة الذهبية لفتح صفحة جديدة في الولاء لله ثم للوطن وتغليب المصالح العليا للوطن. هذا ما يمكن مراقبته من جديد، وستكون عين الشعب حسّاسة تلتقط كل صغيرة وكبيرة وتعمل على تدوينها في الذاكرة الجمعية، والمؤمل أن تكون تلك القوى قد وصلت إلى قناعة مطلقة أن الوطن أبقى من المصالح الذاتية وأعظم من المنافع الخارجية ويتسع للجميع، وإن الواجب هو العمل جنباً إلى جنب ويداً واحدة لإعادة بناء الدولة وإعمار اليمن بعيداً عن المناكفات والمكايدات، وأن الاتجاه صوب العمل الوطني الذي يخدم قدسية التراب الوطني ويعظم من شأن السيادة المطلقة هو المسلك الوحيد أمام الجميع الذي يقود إلى العزّة والكرامة ويفتح المجال أمام التطوّر والازدهار بإذن الله.