صدق أحد المناضلين القدامى حينما قال:« إن من يجلس على كرسي الحكم في اليمن, فعليه أن يصبر على ما هو أشد من لسع الحيات والعقارب..» .. من هنا ندرك قيمة الحقيقة التاريخية في حياة الأمم والشعوب والمجتمعات.. والمستقرئ في سطور تاريخ اليمن قديماً وحديثاً يجد أن أحداثه ووقائعه متداخلة ومتشابكة ومتقاربة المحاور والعناصر والرؤى ، وحافلة بالسيناريوهات الديناميكية ، والصراعات الشوفينية،رغم المفارقات الزمنية ، والمسافات الحضارية، والرؤى الثقافية المعاصرة ، رغم كل هذا وذاك تطفو كل المساوئ والعيوب ، والسلبيات ، والسياسات العوجاء على السطح، و التي أضرت بالوطن والمواطنين على حد سواء وما زال يتجرع ويلاتها ومآسيها كل أبناء شعبنا العظيم إلى اليوم . علينا أن ندرك أن لا جدوى من حواراتنا إن لم تكن مبنية على الشفافية والمصداقية والوضوح والمصارحة بعيداً عن الأساليب الغوغائية والألفاظ المطاطية ، والخطب المفبركة التي في ظاهرها الدسم ، وفي باطنها السم الناقع ، الوطن اليوم يئن تحت ضربات المفاهيم المغلوطة ، والتعبئة الخاطئة ، والولاءات الضيقة ،التي قد تؤدي إلى عواقب كارثية .. ونتائج مأساوية ، لذلك لا بد من إصلاح أوضاعنا الداخلية , وترميم وصيانة البيت اليمني من الداخل بأيدينا لا بأيدي الآخرين ، لذلك لا داعي للجدل السفسطائي العقيم ، والتشدق بالألفاظ الهلامية ، وسوق الوطن إلى متاهات التصفيات السياسية أو المذهبية ، فالحوار لابد أن يكون عقلانياً هادئا ًوموضوعياً ، بعيداً عن العصبيات المتزمتة ، والولاءات العصبوية الطائفية والمذهبيات الغارقة في التطرف .. والمتأصلة بالغلو وإقصاء الآخر . وليكن في علمنا أن بناء الأوطان والشعوب لا يكون بالتغني بالأمجاد والبطولات والانتصارات ، ولا بالشعارات الفضفاضة الجوفاء ، ولا بالتفاخر بالأحساب والأنساب والبيوتات العريقة ، ولكن تبنى الأوطان باصطفاف أبنائها , وتوحيد رؤاها ، وصفاء ونقاء قلوبها وإخلاص عطائها ، وصدق ولائها ، في شتى مهامها ومسؤولياتها ، تجاه الوطن أرضاً وإنساناً ووحدة ، لذلك نجد أن عنصر الإبداع والتفوق في قيمنا الروحية والحضارية والثقافية هو وليد التلاقح والتمازج ، والانصهار الفكري والتاريخي والحضاري عن طريق الفتوحات الإسلامية و تبادل الثقافات والحضارات وحوار الأديان ، والتجارب الإنسانية عبر التاريخ قديماً وحديثاً . أما الذين يشوهون جوهر الإسلام بأعمالهم الإجرامية الشنعاء ، وبتلك الأفكار الضيقة إرضاء لكبرائهم وساداتهم وإشباعاً لنزواتهم الشيطانية فليدركوا أن رسالة الإسلام ليست محصورة ولا مقصورة على قومية بعينها أو على أمة من الأمم أو أسرة من الأسر أياً كانت منزلتها «كلنا لآدم وآدم من تراب».. وصدق المولى القدير القائل : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). أليس من الحكمة والمنطق أن نفيق من غفوتنا وسباتنا وهلوستنا وراء أفكار ضالة مضلة .. وصدق أحد الفلاسفة حينما قال : « إن الأعمى الذي يسير في الطريق الصحيح يسبق المبصر الذي يحيد عنه» . الله الله بالوطن لا تخربوا أوطانكم بأيديكم وأيدي أبنائكم وأيدي أعدائكم وكان الله في عونكم ..!!.