الاتجاه الآمن صوب الحياة السياسية المستعرة يحتاج إلى الشراكة الحقيقية القائمة على الالتزام المطلق بالواجبات الوطنية وعدم التواكل أو التنصّل من المسئوليات التي ينبغي القيام بها لإدارة شئون الحياة، وهذا هو ما تتطلبه الحياة السياسية في اليمن، بمعنى أن تتوفر النوايا الصادقة والشفافية المطلقة لدى أطراف العملية السياسية والانطلاق من اتفاق السلم والشراكة كمنظومة سياسية واحدة يسند بعضها بعضاً وغير قابلة للمساومة أو الإعاقة. إن السلم والشراكة من الاستحقاقات الواجب الالتزام بها والانطلاق صوب تنفيذ بنودها، لأن القوى السياسية في ساحة العمل الوطني هي التي ألزمت نفسها بذلك ومادامت هي التي قامت بتحديد السلم والشراكة وصياغة متطلباته فإن أي انحراف عن هذا المسار يعد دليلاً قطعياً على النوايا السيئة من أية جهة تتنصل من تنفيذ المهام أو تختلق الأعذار التي تعيق الحياة السياسية، الأمر الذي ينبغي معه كشف الحقيقة وعدم السكوت على من يقوم بممارسة المماحكات والمكايدات لمنع السلم والشراكة من السير في الاتجاه الذي يخدم الارادة الشعبية في الوصول إلى حق الاختيار الحر المباشر عبر الانتخابات العامة. يبدو أن التفكير في المسار السليم لإنجاح ما تبقّى من مهام المرحلة الانتقالية ليس معتماً بل واضح المعالم ويحتاج إلى النوايا الصادقة من القوى السياسية والكف النهائي عن توزيع الأدوار وتبادل مهام المماطلة، وهنا ينبغي على كافة القوى السياسية أن تعلم أن الشعب لم يعد قادراً على تحمل تبعات ومخلّفات المماحكات السياسية التي سامت الناس سوء العذاب. إن على القوى السياسية أن تدرك أنها قد أصبحت تحت مجهر الشعب الذي ضاق ذرعاً بالأوضاع المأساوية التي وصلت إليها البلاد ولم يعد همّ المواطن البسيط اليوم سوى استعادة هيبة الدولة لسلطانها لتحقيق الأمن والاستقرار وهذا من أبسط حقوق المواطن التي ينبغي على القوى السياسية أن تنهض به بديلاً من الكيد والكيد المضاد. على الذين لا يزالون يصرّون على فرض الاشتراطات أن يدركوا أن رصيدهم الشعبي يتناقص كل يوم ولكي يحافظوا على وجودهم عليهم الالتزام بالسلم والشراكة بدون مماحكة أو مماطلة، لأنه الطريق المتاح أمامهم لاستعادة الثقة وشرف المساهمة في إعادة بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة بإذن الله.