لن يُكتب لحكومة بحاح الحياة ودوام العافية سوى بتوافر جملة من العوامل المساندة والداعمة بدءاً بتجاهل مدروس ومتوازن للجلبة السياسية المحمومة التي أثيرت بصورة هستيرية صاحبت ولادة الحكومة وتخطّي الضجيج الإعلامي المفتعل حزبياً من قبل «شلّة» من الكهنة المفتونين بغواية المحاصصة وبريقها الأخّاذ، تلك المحاصصة التي لم يجنِ الشعب من ورائها شيئاً يستحق الإشادة والذكر مما كان معقوداً عليها إنجازه من آمال وطموحات وإنما خلّفت له حطاماً هائلاً من الإشكاليات المنثورة بكثافة في كل مكان والذي لا نكاد نستخرج من تحت أنقاضه سوى عن مواطن في النزع الأخير يعاني سوء تغذية حاداً يجاوز ال 55 % وفقراً مدقعاً يقترب من ال 60 % بحسب إفادة مدير البنك الدولي في صنعاء وائل زقوت، ناهيك عن موجة العنف المتلاحقة التي ألحقت بالبلاد أضراراً فادحة «اقتصادية وسياسية وبشرية واجتماعية» مما لا يسع المجال لذكر حتى جزء منها في هذه العجالة، وللأسف الشديد أن قبضة العنف الفولاذية لاتزال تضرب بقسوة الجسد النحيل المنهك للمواطن الغلبان. على أي حال بوسع الحكومة الجديدة عمل الكثير في مغالبة الصعاب الماثلة الناجمة عن الأزمة المستفحلة؛ بل التغلب عليها أيضاً، فليس هناك شيء اسمه مستحيل إذا ما أحسنت الحكومة تدبير شؤونها وتسلّحت بالإرادة الصلبة التي لا تلين أمام الرياح الهوجاء، خصوصاً أن فريقها الوزاري يمتاز ولأول مرة بصفة مهمّة جداً هي التحرُّر من قيود المحاصصة والولاءات الحزبية بمعناها الحرفي المتعارف عليه، وأكبر بها من صفة إذا ما تم استغلالها على الوجه الأمثل ومُورست فعلياً على الصعيد العملي دون تردُّد أو تسويف، عندها فقط يمكن أن نلمس إضافات جديدة إيجابية ونلحظ بدايات انفراج حقيقية للقضايا والمشاكل الحسّاسة ذات الطبيعة المعقّدة والشائكة التي ستتلاشى تلقائياً بمجرد الشعور بالعودة التدريجية إلى الدولة تماماً مثلما كان غياب الدولة التدريجي سبباً في ظهورها. هذه استنتاجات أراها من منظوري الخاص منطقية وحتمية الوقوع وليست هلوسة أو «تخديرة قات» شريطة الانقلاب قولاً وفعلاً عن الأخذ بمبدأ «المسؤولية في خدمة الحزب والجماعة والطائفة» كيف لا والتجارب السيّئة تؤكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن إخفاقات أو لنقل تعثر الحكومات السابقة في أداء واجبها وتحوّلها إلى ما يمكن تسميته «حكومات فخرية» لا تعود بالضرورة إلى عيوب في الشخوص أو نقائص في المؤهّلات الأخلاقية والوطنية؛ حاشى وكلا لكن العلّة في البُنية الحكومية وطريقة تشكيلها التي كانت تخضع للمحاصصة والتقاسم غير الرصين والمسؤول للوظيفة العامة. وأعتقد أن الرهان مرّة أخرى على نهج المحاصصة فيه من الغباء الشيء الكثير خاصة والمحاصصة في قاموسنا السياسي كما عرفناها بحكم المعايشة لا تعني سوى معنى واحد هو «نعيم المسؤولية للحزب؛ أما جحيمها فمن نصيب الشعب»..!!. [email protected]