مرّت بالنبي الكريم جنازة فقام فقيل: إنه يهودي..!! قال النبي: أليست نفساً..؟!! وظلّ واقفاً حتى توارت الجنازة، عليه الصلاة والسلام. لا أدري كيف تصبح الإنسانية مجرد رداء يرتديه البعض في ظروف خاصة ويخلعه في ظروف ومواقف أُخرى، هل السبب ضغط بعض الجوانب الخاطئة على الفطرة الإنسانية، أم إغراء المال، أم حب التفرُّد بغرائب المواقف، أم الخوف..؟! ربما شيء مما سبق؛ إلا أن كل الأسباب السابقة نحن من نسمح لها بانتهاك إنسانيتنا، حتى لا يأتي أحدهم مدّعياً أن تخلّيه عن إنسانيته كان خارجاً عن إرادته. بجولة بسيطة في صفحات الناشطين الحقوقيين تحديداً نجد مواقف عجيبة وغريبة تنتهك انتهاكاً صارخاً مهنة شريفة وعظيمة جداً، وهي العمل في مجال حقوق الإنسان. ونظراً للحراك السياسي الكبير داخل البلد تكاد تطالعنا الصحافة بأخبار تُدمي القلب على رأس الساعة، ينتج هذا الجنون الآلاف من الحالات التي تستحق التضامن والتي لم تكن يوماً شريكة في سياسة أو حرب، تشرّد أطفال وأسر وقتل للأبرياء وانتهاك للكرامة الإنسانية، وإذلال متعمّد للإنسان اليمني، ومع كل هذا نلاحظ انتقائية عجيبة ومحزنة في التضامن، ونرى دموعاً تُذرف على قتلى دون قتلى، ومغالطة فجّة للناس وتنظيراً سيّئاً وغير مباشر لمزيد من القتل، وكل هذا تحت غطاء حقوق الإنسان، عجبي كيف يستطيع هؤلاء تلويث هذه المهنة الشريفة بكل هذا السوء..؟!. أن تكون إنساناً لابد أن تدين القتل أساساً تحت أي غطاء ديني أو سياسي، أن تكون إنساناً لابد أن تدين أية فتوى تُصادر حق الآخرين في الحياة، أن تكون إنساناً لابد أن تسهم بدفع المجتمع إلى دولة القانون التي يتساوى تحتها الجميع؛ لا أن تصبّ مزيداً من الزيت على النار، أن تكون إنساناً لابد أن يكون أمر الطائفية محسوماً لديك؛ فللجميع الحق في اعتقاد ما يشاؤون؛ لكن ليس من حق أحد التحريض على أحد، ولا من حق أحد فرض فكرته بقوة السلاح، أن تكون إنساناً لابد أن تهزّك من أعماق الأعماق صورة «عدنان المداني» المحروقة بمادة «الأسيت» لأنه قال رأياً ولصورته المُحزنة؛ تلك آلاف النُسَخ في بلدنا الحزين..!!. كثيرون جدّاً من أبناء هذا الوطن محرومون من أساسيات الحياة قبل هذه الحروب المجنونة، فكيف سيكون حالهم بعد كل الذي حدث ويحدث..؟!، عدد كبير من أبناء الوطن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء اجتمع عليهم إهمال العالم وقسوة الشتاء وانتقائية النُخب وجشع الساسة، يستحق هؤلاء جميعاً أن نتضامن معهم ونتلمس حاجاتهم ونحاول مساعدتهم ولو بموقف صادق.