ويتصوّر العسقبليون العصبويون تصوّراً رجعياً خاطئاً بأن ذاكرة الناس قد تآكلت ولم يعد لها أثر عملي؛ ولذلك خرجوا من القصور الباذخة التي بُنيت على حساب الفقراء والمعدمين في محاولة يائسة منهم لاستعادة هيمنتهم على الجيش والأمن باستخدام جُمل جوفاء وباكية، وباختصار”«فإن فاقد الشيء لا يعطيه» وهؤلاء لم يعد بوسعهم سوى الاصطفاف القبلي والطائفي المذهبي للحفاظ على ما نهبوه طوال خدمتهم الترفية غير القتالية..!!. “2” عن بؤرة فساد واسعة النطاق حطّمت الخيالات الإنسانية في اليمن بتخفيف وطأة هذا الوباء الكارثي والفساد الذي استشرى سابقاً في مرافق القوات المسلّحة والأمن رفع موازنة هذه القوى عاماً بعد عام على الرغم من عدم جدوى وجود قوة عاطلة عن العمل وفي نفس الوقت كانت تعيش حياة الوهم والازدواج وتضخ الأموال إلى طغمة جشعة تسرق وجبة الغذاء من أفواه الفقراء والجوعى. الفساد كان يمكن رؤيته بالعين المجرّدة من خلال الحياة الاصطناعية لكبار حاملي الرُتب العسكرية المهيمنين على الوحدات العسكرية سابقاً، والتقارير الواردة من لجان تسليم الرواتب أثبتت أن القوات الفعلية هي عبارة عن رُبع القوات المسجّلة في السجلات إضافة إلى الأموال المجباة من شركات النفط والغاز لسنوات طويلة. وعلى الرغم من شحّة الموارد المحلية وعدم قدرتها على تغطية الموازنة العامة ومن دوام السُلطة السابقة على التسوُّل من الدول النفطية ومن التسوُّل الشخصي لكبار الضبّاط وحصولهم على مرتبات ومخصّصات منتظمة؛ إلا أن السُلطة السابقة ظلّت منخرطة في عقد صفقات أسلحة مشبوهة منتهية الصلاحية مثل صفقة طائرة “الميج الروسية” وصفقة الزوارق البحرية الفرنسية المخصّصة لخفر السواحل وصفقة الدبابات البولندية المشتراة من أجل السُلطة في السودان والتي اعترضتها القوات الدولية في البحر الأحمر وصفقة صواريخ “سكود” التي اعترضتها القوات الدولية “القوة الإسبانية” في المحيط الهندي، إضافة إلى انخراط تلك السُلطة في الاتجار بالأسلحة مع الجماعات الإرهابية في القرن الأفريقي، ناهيكم عن هذه الصفقات؛ صنعت الطغمة العسقبلية شبكة من تجّار الأسلحة وقطاع الغيار للمعدّات العسكرية وهم الآن من أثرياء المنطقة القبلية كالحثيلي والزمر وجرمان وأولاد مانع، واستولت الطُغمة عبر الفيد على ممتلكات القوات المسلّحة الجنوبية بعد حرب صيف 1994م ووضعت هذه الكمّية من الأسلحة في سوق تجارة الأسلحة الداخلي والخارجي..!!. ومقاربة الفساد في القوات المسلّحة سابقاً مع نظيره في الاتحاد الروسي إبان فترة “بوريس يلتسن” سوف تذهل لما جرى في روسيا 1990م 1994م وهي فترة انهيار النظام السياسي على أيادي كبار قادة الحزب الشيوعي والحكومة السوفيتية؛ إذ ذكر رئيس مجلس “الدوما” أثناء رئاسة “يلتسن” بأن الفساد العظيم أدارته الإدارة الانتقالية للسلطة التنفيذية “رئاسة الدولة + رئاسة الوزراء تحت قيادة شورني بوردين” وكانت الشيشان كمركز الكون المكشوف بينما كانت موسكو كمركز الكون المخفي، وتجارة الأسلحة في روسيا الانتقالية يستحق الوقوف عنده لسبب وجيه وهو أن روسيا مصنّعة كبيرة لكافة أنواع الأسلحة التقليدية والحديثة، وأن ترسانتها أو مخزونها الاستراتيجي يكفي لتمويل كل جيوش العالم، وتمكّنت المافيات الروسية من استغلال الفترة غير المنضبطة وسرّبت الأسلحة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وإلى بؤر الصراع عبر تجّار الأسلحة بما في ذلك تجّار من اليمن، وقد أثرت هذه المافيات ثراءً فاحشاً بما في ذلك رئيس الوزراء الروسي آنذاك والرئيس يلتسن. وأشار “رسلان حسبوتلاف” رئيس مجلس النواب الذي قصفه يلتسن بالدبابات في ابريل 1993م إلى أنه نمى إلى علمه من أحد مقرّبي الرئيس الروسي بأن يلتسن تلقّى معلومة تفيد بأن رصيد رئيس وزرائه بلغت خمسة عشر مليار دولار؛ فصدم وقال: «رئيس الوزراء رصيده خلال 3 سنوات “15ملياراً” بينما رصيدي فقط عشرة مليارات فقط..؟!». رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر