تتواصل جرائم الاغتيالات التي تستهدف قيادات عسكرية وأمنية ومدنية، وبدا بوضوح أن هناك تصفية ممنهجة للكوادر غير المرغوب فيها أو المحسوبة على أطراف معينة.. وفي المقابل بدت الأجهزة الأمنية غير قادرة على وقف جرائم الاستنزاف التي تتعرض لها كوادرها وكوادر القوات المسلحة.. ليس بسبب عدم كفاءة هذه الأجهزة ونقص إمكانياتها وإنما بسبب القيود المفروضة عليها والتي تحد من حركتها وتمنعها من اتخاذ أية إجراءات تردع من يقومون بمثل هذه الاعتداءات.. وتبقى الأوامر العليا هي المتهم الرئيسي في هذا الجانب، وما تعرضت له كتيبة الاحتياط في مأرب خير دليل!.. الأوامر أضعفت الأجهزة الأمنية وحدت من صلاحياتها لمواجهة الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها منتسبوها والمواطنون..، كما أن ربط أية إجراءات تتخذها الأجهزة الأمنية والعسكرية بموافقة المكونات السياسية أمر غير مقبول وهدفه إحباط معنويات الجيش والأمن.. من غير المنطق أن تطلب الدولة موافقة المكونات السياسية للرد على الأعمال الإجرامية التي تستهدف أمن واستقرار الوطن والسلم الاجتماعي برمته.. وإن افترضنا أن المكونات السياسية طرف ينبغي عدم إغفاله عند اتخاذ مثل هذه القرارات فما تصدره من بيانات إدانة واستنكار عقب كل عملية إرهابية ومطالبتها المتكررة للدولة والحكومة في تحمل مسؤولياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لردع من يقومون بمثل هذه الجرائم يمكن اعتباره بمثابة الضوء الأخضر وموافقة مسبقة لأي إجراء تتخذه الدولة في هذا الجانب.. فما الداعي إذاً لربط أية إجراءات بالمكونات السياسية..، وفي حال اعتراض أي مكون سياسي على تلك الإجراءات الهادفة إلى وقف عمليات الاغتيالات والجرائم الإرهابية والاعتداءات على المعسكرات والوحدات العسكرية ومؤسسات الدولة المختلفة يكون قد كشف نفسه وأظهر انحيازه للجماعات الإرهابية ورفضه القاطع لأية خطوات تتجه نحو إرساء دعائم الأمن والاستقرار في البلاد.. وعلى الدولة وبقية المكونات السياسية تحديد موقف من هذا المكون السياسي.. فلا يحق لأي مكون كان أن يكون مع الدولة وضدها في آن واحد، كما أن تبريره للجرائم الإرهابية والاعتداءات على المؤسسات العسكرية والأمنية تخضع هذا المكون للمساءلة.. ونشير هنا إلى أن تعاطي الحكومة بهذا الأسلوب مع الجرائم الإرهابية التي وصلت إلى حد لم يعد مقبولاً السكوت عليه يفقد الدولة ثقة المواطنين بها ويضعها في خانة الاتهام والتواطؤ، كما أن هذا التعاطي غير المسؤول قد يدفع بالكثير من الوحدات العسكرية والأمنية إلى التمرد على قياداتها باعتبارها هي المسؤولة عن هذا الوضع الأمني المتردي.. إن مواجهة الإرهاب من مسؤولية الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية فلماذا لا تقوم الدولة بهذا الدور قبل أن تطلب أي اصطفاف حزبي وشعبي معها..، لأن جدية الدولة هي المحرك الأساسي للاصطفاف في مواجهة أي خطر هناك، أما أن تبقى تدعو وتناشد وتطالب وتدين وتستنكر فذلك يفقدها عوامل البقاء!..