التطوّر جعل من حياتنا أكثر عزلة وأكثر انطوائية وأكثر كسلاً وعللاً، فالتكنولوجيا بتقنياتها البصرية والسمعية والحركية أثّرت سلباً على المجتمعات التي ارتأت في الحداثة الطريق إلى الرفاهية؛ غير مدركة أن في التقدُّم حلقات وسلاسل ضارّة وغير مفيدة على الشخصية وتكوينها. وإذا ما أخذنا محوراً واحداً دون الغوص في كثير من القضايا ذات الصلة وعرضنا في سطورنا القليلة «الكتاب والإنترنت» وعلاقتهما بالشباب؛ فإننا سجدنا أن في الأول علاقة هجر لخير الجلساء والتحوّل إلى البديل “الإنترنت” الذي تمكّن وفي زمن قياسي من إزاحة الكتاب إلى الرّف ليكسوه غبار الأيام المتعاقبة ويزيد من عزلته سياج العنكبوت المتشابكة. «الإنترنت» أصبح اليوم وعاء الثقافة المكتسبة وسرعة إيصاله المعلومة أينما كانت، وألقى بظلاله على أهمية الكتاب الذي بات في زمن التكنولوجيا أشبه بسلحفاة تشق طريقها متعثرةَ وبصعوبة. شبابنا اليوم بلا كتاب، وخلصت دراسة بريطانية إلى أن «الإنترنت» أسهم في عزلة الشباب، وفاقمت مواقع «التواصل الاجتماعي» من حدّة تلك الحالة ليغرق المجتمع والأسرة في جو من التفكُّك والانطواء المرضي، فنجد أن «الواتس أو فيسبوك أو تويتر» هي مجتمعة أو إحداها وسيلة التواصل فيما بين الأسرة وساكني المنزل الواحد..!!. أستغرب من حال شبابنا اليوم وهجرانهم للكتاب، فيما مؤسّس شبكة فيسبوك الشاب مارك زوكربيرج أعلن الأيام السابقة عن التزامه بقراءة كتاب كل أسبوع، وذلك في إشارة مهمّة إلى المعنى الكبير «للكتاب». العلاقة مع الكتاب لابد أن يُعاد فيها النظر، وعلى الأسرة والمجتمع والمدرسة والدولة أن يكون لهم دور في ذلك.