الأربعاء الماضي خرجت الحشود الجماهيرية التابعة لأحزاب اللقاء المشترك وجماعة أنصار الله في صنعاء وتعز وبعض المحافظات لإحياء الذكرى الرابعة لما يسمونها ب(ثورة 11فبراير ) وكل احتفل بطريقته فالحشود التابعة لأحزاب المشترك رددت الهتافات المطالبة باستعادة الدولة والشرعية ورفض ما يسمى بالإعلان الدستوري الذي أصدرته ما يسمى باللجنة الثورية التابعة لجماعة أنصار الله .. والحشود التابعة لجماعة أنصار الله رددت شعار الجماعة والهتافات المؤيدة للإعلان الدستوري ولكن الجميع اتفقوا على شعار (الثورة مستمرة). في مطلع العام 2011م توحدت تلك القوى جميعها في ساحات الاعتصامات والمظاهرات والمسيرات تحت شعار واحد وهو (الشعب يريد إسقاط النظام) رافضين كل التنازلات والمبادرات والحلول السلمية التي تجنب الوطن والشعب الانزلاق نحو المجهول ومن تلك المبادرات الحفاظ على الشرعية الدستورية وتشكيل حكومة شراكة وطنية وإجراء التعديلات المطلوبة على الدستور وقانون الانتخابات والاستفتاء وإجراء انتخابات برلمانية ومحلية ورئاسية مبكرة ولكنهم رفضوا ذلك وكان ردهم (لاشرعية غير شرعية الشارع ولا احتكام إلا للشرعية الثورية) وشكلوا عدة مجالس في الساحات (مجلس قيادة الثورة- المجلس الثوري-المجلس الوطني) ولكن المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي وأنصارهم تعاملوا بعقلانية ولم ينجروا إلى مواجهات كان يراد لهم القيام بها وظلوا ثابتين على مواقفهم الوطنية وتمسكهم بالشرعية الدستورية ونقل السلطة سلميا بطريقة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع وقد أثبتت الأيام صوابية موقفهم وتمسكهم بالشرعية الدستورية والحفاظ على المكتسبات الوطنية ولولا ذلك لتكرر نفس المشهد الذي حدث ولايزال يحدث حتى اليوم في ليبيا وسوريا. كنا نعتقد أننا قد تجاوزنا مرحلة الخطر بإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21فبراير2012م وعقد مؤتمر الحوار الوطني لكن عدم الالتزام الدقيق بتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وكذا المماطلة والتسويف في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني أدخلنا في أزمة طاحنة جديدة وخطيرة تجلت ملامحها بوضوح يوم 21 سبتمبر2014م وتم حينها احتواء الأزمة بالتوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية من قبل كافة الأحزاب والمكونات السياسية بما فيهم أنصار الله لكن الأمور لم تسر في الاتجاه الصحيح فحدثت المواجهات مجدداً أواخر يناير الماضي والتي نتج عنها السيطرة على دار الرئاسة والقصر الجمهوري وهو الأمر الذي دفع برئيس الحكومة خالد بحاح تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الذي بدوره قدم استقالته للبرلمان تاركاً بذلك الوطن والشعب على حافة هاوية سحيقة. كان يفترض أن يعقد البرلمان جلسة طارئة للبت في استقالة رئيس الجمهورية لكن ذلك لم يتم لأسباب عديدة منها إعلان أعضاء البرلمان عن المحافظات الجنوبية مقاطعة جلسات المجلس بالإضافة إلى إعطاء فرصة كافية للأحزاب والمكونات السياسية للحوار والتوافق على حلول عملية للخروج الآمن من الأزمة ولكن للأسف فقد سيطر الخلاف على الجلسات الحوارية في فندق موفمبيك ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق وجاء(الإعلان الدستوري) لتتأزم وتتعقد الأمور أكثر مما هي عليه. ما وصلنا إليه في فبراير2015م هو نتاج لما حدث في فبراير 2011م والمؤسف أن المشترك وأنصار الله خرجوا للاحتفاء بالذكرى الرابعة لما يسمونها ثورة11فبراير كل على طريقته رغم اختلاف مواقفهم. يا هؤلاء الشعب سئم ثوراتكم وشعاراتكم ووعودكم بإقامة الدولة المدنية الحديثة وتحقيق العدالة والمساواة الرخاء والازدهار .. يا هؤلاء الشعب يريد الأمن والأمان.. خذوا المناصب والمكاسب ولكن دعوا الوطن والشعب في أمن وأمان.