منذ استقالة رئيس الحكومة المهندس خالد محفوظ بحاح ورئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي في 21 يناير الماضي والبلاد بدون رئيس وبدون حكومة والأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني والموقعة مع جماعة أنصار الله على اتفاق السلم والشراكة الوطنية تعقد جلساتها الحوارية في فندق موفمبيك بالعاصمة صنعاء برعاية مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر لإيجاد مخرج آمن ومناسب من الأزمة العصيبة الراهنة التي يمر بها الوطن والشعب اليمني . وقد فشل المتحاورون في التوصل إلى أتفاق حول الخيارات التي يجب أتخاذها للخروج من المأزق الدستوري الناتج عن استقالة رئيس الجمهورية في هذا الظرف الاستثنائي والعصيب الذي يمر به الوطن . فبينما كان المؤتمر وحلفاؤه وحزب العدالة والتنمية متمسكين بضرورة الالتزام بالدستور فيما يتعلق بالبت في استقالة رئيس الجمهورية من قبل البرلمان كانت الأطراف الأخرى تعارض ذلك طال الأخذ والرد لمدة خمسة عشر يوماً تقريباً دون التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي دفع بأنصار الله إلى الإعلان عما أسموه (الإعلان الدستوري) من طرف واحد يوم الجمعة السادس من فبراير الحالي والذي قوبل بالرفض من مختلف الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية والاجتماعية وعدم الاعتراف به من الدول العشر الراعية للعملية السياسية في اليمن بناء على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية -الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين )ودول مجلس التعاون الخليج العربي –وكذا الجامعة العربية والأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وتأكيدها على ضرورة عودة القوى السياسية إلى طاولة الحوار للإتفاق على خارطة طريق تخرج اليمن واليمنيين إلى بر الأمان، وهو ما جعل الأحزاب يوافقون على العودة إلى طاولة الحوار إلا أن جلسات الحوار طالت وشهدت خلافات حادة بين المتحاورين أدت إلى انسحاب البعض احتجاجا على أسلوب أدارة جلسات الحوار وإصرار انصار الله على فرض ما يسمونه الإعلان الدستوري كأمر واقع ونظراً لفشل المتحاورين في التوصل إلى اتفاق لحلحلة الأزمة الراهنة والخروج من المأزق الحالي ووصول الأمر إلى حالة الانسداد التام قامت عدد من الدول الشقيقة والصديقة في مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا والإمارات العربية والسعودية بإغلاق سفاراتها في العاصمة صنعاء وإجلاء بعثاتها الدبلوماسيه فارتفعت أصوات العقلاء من أبناء اليمن وكذا الأشقاء الحريصين على أمن واستقرار ووحدة اليمن والمنادية بضرورة عودة المتحاورين إلى طاولة الحوار مرة أخرى لإنقاذ الوطن والشعب اليمني من الانزلاق نحو هاوية سحيقة . ما من شك أنه بالحوار المسئول والبناء والمصداقية سيتم بمشيئة الله تعالى الخروج من الأزمة عاجلاً وليس آجلاً فما من أزمة اشتدت إلا وانفرجت و اليمن محروسة من المولى تعالى فهي بلد الإيمان والحكمة كما وصفها الذي لا ينطق عن الهوى الصادق الأمين نبينا الكريم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بقولة :(الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية)فإيماننا سيجعل لنا من هذا الضيق مخرجاً ومن هذا الهم فرجاً قريباً وثقتنا كبيرة بأن لغة العقل والمنطق والحكمة اليمانية ستنتصر على لغة السلاح والقوة وسيحل الوفاق محل الخلاف والتسامح محل البغضاء والحقد وسيحل الأمان والسلام محل الخوف والحرب والدمار وليس هناك من خيار آخر غير الحوار لتحقيق ذلك فالحوار هو الوسيلة المثلى للوصول إلى اتفاق وطني نابع من الحرص على المصلحة العلياللوطن والشعب بعيداً عن الحسابات والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة. يجب تقديم التنازلات من أجل إنجاز اتفاق نهائي وشامل للأزمة يمثل خارطة طريق واضحة الأهداف والمعالم تحافظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وسيادته الوطنية وسلمه الاجتماعي يتم السير عليها وفق مواعيد محددة ملزمة لإنجاز المهام المطلوبة للانتقال بالوطن والشعب إلي الوضع الطبيعي المتمثل بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقاً للدستور الجديد الذي سيتم مناقشته وإنزاله للاستفتاء عليه من الشعب. لقد استبشر أبناء الشعب اليمني مساء الخميس الماضي خيراً بإعلان المبعوث الأممي الاتفاق الذي تم بين الأطراف السياسيه المتحاورة حول شكل السلطة التشريعية للمرحلة الانتقالية وهو ما يعد خطوة كبيرة ومتقدمة ونأمل أن لا ينتهي هذا الأسبوع إلا وقدتم التوصل إلى الاتفاق النهائي الشامل لجميع القضايا المتبقية وفي مقدمتها رئاسة الدولة والحكومة. يجب أن يضع المتحاورون في حسابهم أن البلد في وضع جد خطير، ولذلك فإنه من المهم جداً سرعة حسم الاتفاق النهائي على بقية القضايا المطروحة على طاولة الحوار فليس كل تأخير فيه خير، فهناك من القضايا ما يستوجب التعجيل في حسمها قبل فوات الأوان.. و الشعب اليمني في سباقٍ مع الزمن فإما يكون أو لا يكون والأمل معقود بالله أولاً ثم بالأطراف السياسية المتحاورة ثانياً.. فإذا أرادوا أن يسجل لهم التاريخ صفحة مشرقة في سجله فعليهم أن يقدموا التنازلات بما يحقق التوافق على إنقاذ الوطن والشعب من الانزلاق نحو المجهول مالم فسوف يلعنهم التاريخ والأجيال القادمة.. فتوافقوا من أجل اليمن يرحمكم الله.