سيظل الحوار - كمبدأ إسلامي وإنساني - هو الخيار الأمثل والآمن لمعالجة المشكلات والقضايا المتعلقة بالمصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن، بل ويمثّل المخرج الوحيد لتجاوز الخلافات في الآراء والتباينات في المواقف ووجهات النظر .. بعيداً عن الإدعاء بامتلاك الحقيقة أو الإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر. وبناءً على ذلك فلن نفقد الأمل بأن ترتقي أطراف المنظومة السياسية والحزبية والمدنية في ممارسة الحوار بما يحقق الاتفاق على القواسم المشتركة التي تجسد رابطة الشراكة الوطنية.. كما تجسد مهام ووظائف تلك الأطراف وأدوارها الفاعلة في سبيل تلبية تطلعات وأماني وطموحات الشعب والوطن، وتحقيق مصالحه دون المصالح الذاتية.. بحيث يتم ذلك عبر توازن الخطاب السياسي وتناغمه، وتوحيد الفعل الوطني، ووضع حد معين للاختلاف المنطقي والمقبول الذي لا يضر بالمصلحة الوطنية أو بوحدة النسيج الاجتماعي التي تشكّل بالغ الأهمية. وبما أن الحوار هو المخرج الآمن لكل معضلة، ومن خلاله فقط يمكن أن تلتقي الأطراف السياسية على ما يُجمع عليه كافة أبناء الشعب، وذلك ما دعا إليه الأشقاء والأصدقاء في الدول العربية والأجنبية.. فإن الإيمان بأهمية الشراكة والتعاون المثمر، وتوحيد طاقات أبناء اليمن أمر لابد منه وضرورة حتمية.. ويجب أن تعي كافة القوى السياسية بأن شرعيتها مستمدة في الأساس من الشعب والدستور والقانون، وبالتالي فواجبها التزام الحوار الوطني البناء الذي يلبي تطلعات كافة أبناء اليمن في ربوع الوطن، والتجرد عن المصالح الذاتية أو الحزبية أو المناطقية.. على أمل تجديد الثورة ومضامين الوحدة من خلال تجديد المشروع الوطني، الأمر الذي يهم مختلف القوى الوطنية أياً كانت توجهاتها السياسية أو الحزبية التي يجب أن تؤكد ولاءها الكامل لله وللوطن بصورة إيجابية. تلك هي الإرادة الجمعية الحقيقية للشعب الذي يتوخى من الحوار البناء تجنيب الوطن الصراعات والحروب المدمرة التي يخسر فيها الجميع، فالحروب الخاسرة عادة لا تُبقي ولا تذر .. وينبغي أن تدرك أطراف المنظومة السياسية والحزبية، وتعي بإمعان طبيعة الحراك المجتمعي والديمقراطي الراهن ، وقراءته بشكل صائب وبعقلانية وتبصر. فصعوبة المرحلة الحالية من تاريخ اليمن تستدعي عدم الوقوع في التقييم الخاطئ للأمور ، وتستوجب التعبير المنطقي الواعي عن الواقع المجتمعي وتطوراته ضمن استيعاب دقيق لعلاقته بالمحيط الإنساني .. والضرورة تفرض على جميع الأطراف معرفة الاتجاهات المختلفة لتلك العلاقة سواء الاتجاه السلبي الذي يتضمن استهداف اليمن بأسلوب تآمري عدواني .. أوكذلك الاتجاه الإيجابي الذي يمثّل النوايا الحسنة تجاه اليمن من قبل الغالبية العظمى من بني البشر الذين يعوّلون على هذا البلد الطيب مستقبلاً مشرقاً وآمالاً كبيرة.. وهذا البعد هو ما يجب استحضاره ضمن القراءة الصائبة لحراك الواقع المجتمعي من قبل الأطراف المتحاورة.. واستحضار الثقافة الوطنية بآفاقها الإنسانية ، والفهم الحقيقي للديمقراطية ، وكيفية ممارستها والاستفادة منها، على ألا تصبح ثقافة تصادمية. وهنا يجب أن يُفضي الحوار إلى بلورة خطاب سياسي وطني يجسد إرادة الشعب في وحدته وخياراته الوطنية، وصون الوطن وحماية منجزاته، وضمان نجاحه في معركة المستقبل بآفاقها القومية والإنسانية. وبالرغم من تلك الظروف الصعبة فلا خوف لدى الشعب اليمني ولا قلق على الوطن الغالي سواء في وحدته أو في روابط انتماء أبنائه للأمة والإنسانية ، بل إن أبناء اليمن لديهم الثقة الكاملة في كسب معركة المستقبل المنتصرة.. ولا شك أن المستقبل الواعي المزدهر بمشيئة الله سيضم كافة أبناء الوطن ويستوعبهم جميعاً ، وفيه ستشرق الحياة ، وتستقيم بجميع جوانبها الوطنية والقومية والإنسانية على الحق والعدل والسلام والحرية والإبداع ، ثم العودة إلى الذات وزوال الباطل بمختلف صوره. وما لا يختلف عليه أحد على كافة المستويات المحلية والعربية والدولية أن الحوار باستمرار هو الخيار الوطني الاستراتيجي، والحل السلمي الأوحد لمجمل الخلافات ومختلف المشكلات السياسية المتعددة.. ولن يحقق ذلك سوى اليمنيين دون غيرهم من خلال تطوير مضامين وأهداف المشروع الوطني الحضاري الجديد المستمد من مبادئ وأهداف الثورة اليمنية الخالدة المتجددة.. وكذا من المضامين الوحدوية بأبعادها القومية والإنسانية، والثقافة الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر، واحترام حقوق الإنسان بصورة فعلية. وذلك بالتأكيد ما ينشده كافة أبناء اليمن الذين لهم كامل الحق في الإسهام بصناعة المستقبل، لينعم الجميع بالأمن والاستقرار والسكينة، وبالمواطنة المتساوية، وبخيرات هذه الأرض الطيبة الغالية.. وتلك خلاصة القضية. [email protected]