صدر عن مركز الخطوط التابع لمكتبة الإسكندرية العدد الأول من حولية «أبجديات»، وهي حولية علمية مُحكمة تصدر سنويًا عن المركز، وتهتم بكل ما يخص شؤون الكتابة ونشأتها، والخطوط وتطورها، والنقوش وتاريخها في العالم عبر العصور. تأتي حولية أبجديات في إطار برنامج عمل مركز الخطوط، الذي وافق عليه مجلس إدارة المركز برئاسة الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة المشرف العام على الحولية. يضم العدد الأول بين دفتيه عشرة أبحاث عربية وأربعة أجنبية تناولت الكتابات والخطوط بالدراسة والتحليل، التي ظهرت في عصور مختلفة ومناطق جغرافية مختلفة، استهلتها دراسة الدكتورة عميدة شعلان «دراسة تحليلية لنقش معيني جديد من متحف قسم الآثار بجامعة صنعاء» تتناول فيه نقشا معينيا جديدا، كما تطرقت إلى أنواع الكتابة المختلفة التي كانت منتشرة في اليمن في تلك الفترة، وهي الكتابة الرسمية المكتوبة بخط المسند، والكتابة الشعبية المدونة بخط الزبور، ثم تعرضت بالتحليل اللغوي والخطي لنص النقش، مرفقة بالدراسة مجموعة من الصور الفوتوغرافية. وتعكس المقالات المنشورة تنوعًا علميًا من خلال التعامل مع الوثائق والمستندات الرسمية . فقد تناولت الباحثة أمينة حسنين في بحثها «التعبيرات القانونية بوثائق المنازل في العصر البطلمي من خلال التعبيرات الديموطيقية» الصيغ القانونية المستخدمة في عقود البيع والشراء والإيجار في العصر البطلمي، وعرضت لأهم الوثائق القانونية الخاصة بالبيع والتنازل والهبات والرهن والوصيات. ضمت حولية «أبجديات» بحثًا بعنوان «بعض حالات التعمية في اللغة المصرية القديمة»، حيث استعرضت فيه الباحثة نجوى متولي محاولات الإنسان المصري القديم لتخليد اسمه والتأكد من عدم تعرضه للمحو، لذلك نجد المصري القديم قد كتب اسمه بطريقة أطلق عليها «الكتابة المعماة»، وشرحت أهم قواعدها التي استخدمها الفراعنة كطريقة لضمان البقاء والخلود في العالم الآخر.وجاء بحث الدكتور سيد محفوظ تحت عنوان «عتب سيتي الأول بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية»، وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تخص أثرًا لم يره جمهور الزائرين للمتحف، بالإضافة إلى أن العتب يخص ملكا من أهم ملوك الدولة الحديثة وهو الملك سيتي الأول، كما أنه يحمل قيمة فنية وحضارية. تلاه بحث للدكتور فتحي عبد العزيز الحداد بعنوان «العبيد والإماء في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام»، من خلال النصوص التي تناولت أوضاع الخدم والعبيد والنصوص التشريعية الخاصة بهم. وقدم الدكتور عبد الله عبد السلام الحداد في هذا العدد بحثين، جاء الأول بعنوان «تطور الخط الكوفي في اليمن منذ صدر الإسلام حتى العصر الأيوبي»، وتناول فيه تطور الخط الكوفي بأنواعه المختلفة منذ دخول الإسلام اليمن حتى العصر الأيوبي، متعرضا لخصائص الخط الكوفي ومميزاته . وجاء الثاني بعنوان « النصوص التأسيسية بجامع معاذ بن جبل بمدينة الجند بتعز: مضمونها ودلالاتها التاريخية والانشائية « حيث يستعرض فيها أهم النصوص التأسيسية للمسجد الشهير الذي أسس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة للهجرة في اليمن. وقد تناول من خلال أربعة مباحث تاريخ المسجد وأهميته ومراحل بنائه وتخطيطه ثم مضمون النصوص والدلالات التاريخية لها ودراسة لأنواع الخطوط, مدعما ذلك بمجموعة من الصور الفوتوغرافية.واختتمت الأبحاث العربية ببحث «النقوش الكتابية في قصر جنة العريف» حيث يقدم الباحث محمد الجمل, دراسة وصفية للنقوش الكتابية بالقصر - الذي يعد من أبهى قصور الحمراء بغرناطة - يعقبها بدراسة تحليلية لها.ثم تأخذنا الحولية إلى مجموعة من الأبحاث الأجنبية، قدمها باحثون متميزون من ألمانيا، والسويد، والولايات المتحدة، وإيطاليا. ومنها، بحث الدكتور توماس هير بعنوان «Towards a Canon of Egyptian Calligraphy by Reference to Calligraphy in East Asia» تعرض فيه لعلم الخط وقيمته الجمالية وكيفية الاهتمام به في مصر القديمة من خلال دراسة نماذج من الخط الهيراطيقي، حيث يظهر هذا الاهتمام بوضوح ، وقد بدأ الباحث بشرح المفاهيم الجمالية للخط في كتابات شرق آسيا وبالذات في الخط الصيني؛ ثم تساءل عن وجود هذه المفاهيم في الخطوط المصرية القديمة ثم أثبت بعد ذلك وجودها. تبعه بحث ستفن ويمر، بعنوان» Egyptian Hieratic writing in the Levant in the 1st Millenium BC» تناول الباحث في هذا المقال العلامات الهيراطيقية التي ظهرت في خطوط أخرى من الشرق الأوسط القديم، فهناك الشقافات العبرية القديمة التي ظهرت في الممالك العبرانية التي ظهرت بين القرن التاسع والقرن السادس قبل الميلاد ووردت فيها أرقام مكتوبة بالخط الهيراطيقي، كما أن هناك علامات أخرى مثل العلامة التي تدل على السنة وقد ظهرت في الكتابات الآرامية والفينيقية. وخلص إلى أن هذه الظاهرة تؤكد نفوذ مصر في المنطقة وتأثيرها على خطوطها وعلى كتاباتها الإدارية في الألفية الأولى قبل الميلاد.وجاء مقال الدكتورة مارسيلا تراباني بعنوان» A note on the Old kigdom wd-nsw Heading» تناولت فيه اصطلاحا في اللغة المصرية القديمة بمعنى «مرسوم أو قرار ملكي»، وقد ظهر هذا المصطلح بأشكال مختلفة خلال الدولة القديمة، وخرجت الباحثة بنتائج قد تفيد في تحديد هوية ملوك الفراعنة.أما مقال آك إنجيديشن بعنوان «On the Verge of Ptolemaic Egyptian Graphical trends in the 30th Dynasty» فتناول فيه كيفية كتابة مفردات اللغة في نهاية العصور الفرعونية قبل انتشار الكتابة البطلمية واستخدامها صوتيات جديدة للرموز القديمة وإدخالها رموزا كتابية جديدة، وركز الباحث في هذا البحث على كثرة استعمال الأبجدية بدلاً من استعمال رموز أو حروف كتابية أخرى تعبر عن أكثر من صوت. وتناولت الحولية بالتحليل عرضًا لترجمة كتاب «اللغات المفقودة» من تأليف أندرو روبنسون، أعده الباحث أحمد منصور، وتناول فيه فصول الكتاب المختلفة التي تتحدث عن اللغات التي فقدت واندثرت من حياتنا ولم يعد لها وجود بالفعل سواء شفهيًا أو مكتوبًا مثل اللغة المصرية القديمة، واللغة المروية، وكذلك لغات المايا، وكتابات نهو الإندوس. أما العرض الثاني فجاء لكتاب «تاريخ الكتابة» من تحرير آن ماري كريستان، وهو مترجم إلى العربية، والعرض من إعداد الباحثة عزة عزت، حيث عرضت لطرق الكتابة المختلفة في العالم وكيفية تطورها. وأكد الدكتور خالد عزب رئيس تحرير حولية «أبجديات» إن الحولية تعتبر أول حولية من نوعها في الوطن العربي تهتم بشؤون الكتابات والخطوط بنظرة مدققة ومكثفة، مما يلقي بأثره الواضح والجلي على أهمية مجال الكتابات الأثرية والتاريخية في كتابة التاريخ . وقد قام مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية بتشكيل هيئة استشارية لحولية «أبجديات» تضم كبار المتخصصين في كافة مجالات الخطوط والكتابات في العالم من السعودية