رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    كشفت عن عدة اسلحة خطيرة.. الحكومة تعلق على تقارير دعم الحوثيين للقاعدة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    صحيفة بريطانية تفجر مفاجأة.. الحوثيون دعموا تنظيم القاعدة بطائرات مسيرة    مليشيا الحوثي تستهدف مواقع الجيش غربي تعز    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    بيان حوثي بشأن إغلاق مكتب قناة الجزيرة    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    سر خسارة برشلونة لكل شيء.. 270 دقيقة تفسر الموسم الصفري    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحي مجهول لمصطفى صادق الرافعي
نشر في الجمهورية يوم 18 - 01 - 2007


- مصطفى يعقوب عبدالنبي ..
من المألوف أن نجد بعد رحيل الأديب كاتباً كان أم شاعراً أن هناك عملاً أدبياً ما قد تكون مقالة أو قصة أو قصيدة قد فات الأديب أن يضمه في حياته إلى ماصدر من أعماله، فأصبح بالتالي هذا العمل بالنسبة للباحثين والنقاد فضلاً عن القراء مجهولاً يدرون من أمره شيئاً.. والأمثلة على هذه كثيرة ومتنوعة مثلما حدث مع تراث طه حسين فقد صدرت عن دار الكتب والوثائق القومية في مصر مؤخراً عدة مجلدات تجمع المقالات الصحفية لطه حسين منذ سنة 1908م وحتى سنة 1967،وهي مقالات نشك كثيراً بأن أياً من الباحثين في أدب طه حسين،على كثرتهم ،قد قرأها أواطلع عليها.
ومثال آخر، فقد صدرت «الشوقيات» لأحمد شوقي بأجزائها الأربعة، وظن الجميع من الباحثين والقراء أن هذا هو كل نتاج شوقي الشعري ،غير أن الدكتور محمد صبري السربوني قد خرج علينا بكتابه الشهير«الشوقيات المجهولة» والمؤلف من جزئين، أضاف فيه إلى تراث شوقي الشعري مايقرب من أربعة آلاف بيت،لم يسجلها شوقي سهواً أو عمداً في «الشوقيات».
وقد كانت لكاتب هذه السطور تجربة متواضعة في هذا السياق، إذ توصل إلى الكشف عما يزيد عن عشرة نصوص شعرية للشاعر ايراهيم ناجي حتى بعد صدور «الأعمال الشعرية الكاملة» لناجي،«1»كما توصل أيضاً إلى الكشف عن قصيدتين مجهولتين للشاعر محمود حسن اسماعيل بعد صدور «الأعمال الشعرية الكاملية» له أيضاًَ«2».
وإذا كان هذا كله من الأمور المألوفة في الأوساط الأدبية،إلا أنه من غير المألوف تماماً ألا يرد ذكر عمل أدبي متكامل ضمن مؤلفات صاحبه ،وكأنه من سقط المتاع، أو كأن صاحبه قد رأى لتغير الظروف اجتماعية كانت أم سياسية أن هذا العمل لم يعد يليق بنسبته إليه بعد أن أصبح مشهوراً، وأن هذا العمل قد كتبه وقت أن كان ناشئاً مغموراً يروض القول ويتلمس الطريق إلى الشهرة،بل لعله مما يزيد الأمر غرابة أن هذا العمل الأدبي المتكامل لم تنشره دورية من الدوريات الصادرة في حينها بحيث يُسدل الستار عليه بعد وقت قد يطول أو يقصر،حسب شهرة ومكانة هذه الدورية،إنما قد صدر في كتاب مستقل بذاته قد قرأه ألوف القراء بلا شك،وربما تتعاظم الدهشة والاستغراق في الغرابة عندما نعلم أن هذا العمل الأدبي المتكامل،قد لاقى رواجاً وقبولاً لدى القراء بحيث طُبع أكثر من مرة.
نخلص من هذا القول بأنه قد أتيح لنا أن نعثر في بعض دور الكتب القديمة في مصر على كتاب من القطع الصغير كتب على الغلاف مايلي:
«رواية حسام الدين الأندلسي،وهي رواية تشخيصية أدبية غرامية حماسية ذات ستة فصول،تأليف حضرة الفاضل الشيخ مصطفى الرافعي ..الكاتب بمحكمة مصر الشرعية.
قال مقرظاً هذه الرواية تاج الفضلاء وإمام الشعراء المرحوم محمود سامي باشا البارودي:
لرواية ابن الرافعي «ملاحة» تصبو إلى أنفسٌ وعيون...إلخ
حقوق الطبع والتشخيص محفوظ للمؤلف
الطبعة الرابعة
طبع بمطبعة الواعظ بمصر سنة 1322ه 1905م
وعلى الرغم من كثرة الباحثين في مصطفى صادق الرافعي،إلا أننا لم نجد أحداً قد أشار ولو من طرف خفي إلى وجود مثل هذه المسرحية،بل لم نجد أن أحداً من هؤلاء الباحثين في أدبه قد ألمح أن الرافعي قد عالج شيئاً من هذا الفن المستحدث في الأدب العربي.
وقد يظن البعض أن اسم مصطفى الرافعي الذي ورد على غلاف هذه المسرحية،هو اسم لأديب آخر غير مصطفى صادق الرافعي الأديب المعروف صاحب «تحت راية القرآن» و«رسائل الأحزان» ...إلخ.
غير أننا سوف نزيل هذا الظن، وهو ظن قد يبدو في محله لدى الكثيرين من محبي الرافعي ومقدري أدبه والعارفين سيرته وحياته بما يلي:
أولاً:من الواضح أن اسم أديبنا الكبير من الأسماء المركبة التي درجت بعض الأسر في مصر على تسمية أبنائها بها،أي أن الاسم مركب من اسمين لا اسماً واحداً كما جرت به العادة، فعلى سبيل المثال فإن الاسم الرسمي للأديب المعروف،المنفلوطي هو:مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي«3»،كما أن الإسم الرسمي للشاعر حافظ إبراهيم هو:محمد حافظ إبراهيم «4»..وهكذا ..وعندما نأتي إلى الرافعي سوف نجد أن الإسم الرسمي له هو:مصطفى صادق بن عبدالرزاق بن سعيد الرافعي«5»،ليس هذا فحسب بل إن اسم شقيقه؛محمد كامل الرافعي وهو الذي تولى شرح ديوانه فيما بعد، وأغلب الظن أن الرافعي قد آثر أن يكون اسمه مصطفى فقط وهو يخط بداياته الأولى في عالم النشر،غير أنه قد عدل عن ذلك فيما بعد ليكون اسمه تحديداً ووقفاً عليه وحده،فربما يظهر من اسمع مصطفى في مقبل الأيام، ولاسيما أن عائلة الرافعي كثيرة العدد كبيرة المقام.
ثانياً:من الواضح لمن يقرأ «ديوان الرافعي» بأجزائه الثلاثة،أنه كان على صلة وثيقة للغاية بالشاعر الكبير محمود سامي البارودي فلم يكن التقريظ الذي ورد على غلاف المسرحية هو التقريظ الوحيد للبارودي لشعر الرافعي، ففي الجزء الأول من ديوان نجد تقريظاً للبارودي قدمه الرافعي بقوله:قال لسان العرب وتاج الأدب والقاموس المحيط صاحب السعادة محمود سامي باشا البارودي أطال الله بقاءه:
أبني القرائح أبشروا بطريقة
سمح الزمان بها وكان بخيلاً ...الخ «6»
كما نجد في الجزء الثاني من الديوان تقريظاً آخر للبارودي قدمه الرافعي بقوله:قال أمير السيف والقلم، ورافع العلم والعلم،صاحب السعادة الأمير الخطير محمود سامي باشا البارودي طيب الله ثراه:
لمصطفى صادق في الشعر منزلة
أمسى يعاديه فيها من يصافيه..الخ«7»
ثالثاً:ربما تعتري القراء الدهشة عندما نقول إن هذه المسرحية المجهولة،لم تكن الأولى التي ألفها الرافعي فقد سبقتها مسرحية أخرى فقد جاء في الجزء الثالث من الديوان:وقال يعني الرافعي نفسه في روايته «موعظة الشباب» عن لسان فتى الرواية بعد انقلاب حال من العز إلى البؤس..إلخ» وجاء في الحاشية:«هذه الرواية هي أول رواية تمثيلية مطبقة على دروس الأخلاق العصرية،وهي فوق ذلك تمتاز بروح الشعر الطائفة في كل معانيها،وستطبع قريباً بعد تمثيليها إن شاء الله»«8».
إذاً لهذه المسرحية لمصطفى صادق الرافعي لأحد سواه والتي لم يرد من أمرها الأديب محمد سعيد العريان،وهو من الثقاة في الرافعي،سيرة وأدباً، وصاحب كتاب «حياة الرافعي» وهو الكتاب الذي استمد الباحثون مادتهم عن الرافعي.
أضواء حول المسرحية
تقع المسرحية في ست وتسعين صفحة من القطع الصغير وتتوزع في ستة فصول،والحوار بين أشخاصها باللغة العربية الفصحى يغلب عليه السجع، وإن كانت هناك قلة من الألفاظ العامية الدارجة المشتقة أصلاً من الفصحى،تتخلله مقطوعات شعرية في معرض الإنشاد لا معرض الحوار.
وإذا بحثنا في طبيعة هذا الشعر سوف نجد أنه لايجري على قاعدة ثابتة، بمعنى أن هناك بعض المقطوعات الشعرية هي من نظم المؤلف نفسه،والبعض الآخر من عيون الشعر العربي الذي لاتخطئه عين القارئ مثل قوله في معرض التمثل والاستشهاد:
إن العُلا حدثتني وهي صادقة
فيما تحدث إن العز في النقل...الخ
وهي من الأبيات المشهورة في لامية الطغرائي،،ومثل قوله:
ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل
عفافٌ وإقدام وحزم ونائل...الخ
وهي أيضاً من الأبيات المشهورة لأبي العلاء المعري ...وهكذا.
ومن الطريق أننا وجدنا تخميساً لبعض أبيات شهيرة من معلقة عنترة مثل قوله على لسان بطل الرواية يخاطب حبيبته واسمها«صباح»:
أنا ياصباحُ دون وصلك باذلُ
روحي ولو أن الأنام عواذلُ
هيهات يشغلني بغيرك شاغل
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
ويبدو أن كثرة محفوظ المؤلف من الشعر القديم كان له أكبر الأثر في إيراد مثل تلك الأبيات المشهورة في ثنايا الحوار، وإن كنا نرى في الوقت نفسه أن الرافعي قد تماشى مع النمط السائد في هذا الفن الوافد حديثاً على مصر في ذلك حين، وأغلب الظن أنه كان متأثراً في ذلك بمسرح أحمد أبوخليل القباني «1835 1902»وهو أحد الرواد الأوائل الذين عملوا بالفن المسرحي في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين،يقول الدكتور أحمد هيكل:غير أن نجاح القباني وفرقته لم يقف عند إنعاش النشاط المسرحي ومضاعفة الاهتمام بالمسرح والكتابه له، وإنما تجاوزه إلى شيئين مهمين؛وهما توجيه الاهتمام إلى المسرحية التاريخية العربية، ثم العناية باللغة الفصحى والشعر في كتابة المسرحية، فقد كان القباني يميل إلى المسرحيات المستمدة من التاريخ العربي أولاً،وكان يفضل للغتها الفصحى التي يتخللها الشعر ثانياً، وبرغم أن الفصحى التي كانت تكتب بها مسرحيات القباني كانت مفعمة بالمحسنات التي يأتي في مقدمتها السجع وبرغم أن الشعر لم يكن دائماً ملائماً للموقف أو مؤدياً وظيفة في البناء المسرحي،قد كان هذا الاتجاه متفقاً إلى حد كبير مع الاتجاه الأدبي العام في ذلك الحين»«9»
ولعل القارئ لمسرحية الرافعي سوف يجد أنه قد ترسم خطى القباني ونهج على نهجه سواء في سواء في موضوع المسرحية الذي استمده من التاريخ العربي القديم،أو في بنائها الدرامي من خلال النثر المسجوع أو الشعر الموضوع،أو حتى في نهايتها،فقد دأب القباني في ختام مسرحياته أن تنشد الفرقة المسرحية «دوراً» أو أكثر تتغنى بالسلطان عبدالحميد وكذلك الخديوي الجالس على عرش مصر وهو تقليد دأبت الفرق المسرحية على اختلافها على إنشاد مثل هذه «الأدوار» فيما يشبه عزف السلام الملكي ثم الجمهوري في مصر حتى وقت قريب.
فمن يقرأ على سبيل المثال مسرحية القباني «هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب» التي مثلت على مسرح« التياترو المصري» بالقاهرة في أوائل سنة 1895 يجد أن القباني طبع نهجه على مسرحية الرافعي شكلاً ومضموناً«10».
بقي لنا أمر نراه على قدر كبير من الأهمية؛وهو تاريخ صدور الطبعة الأولى من تلك المسرحية، ولحسن الحظ أن التقاريظ التي جرت عادة الرافعي أن يحلي بها صدر كتبه أحياناً قد أفادتنا في معرفة هذا التاريخ،فقد أورد الرافعي في الصفحة الثانية من الكتاب، أو إن شئت المسرحية، مايلي : «قال حضرة صديقي الفاضل،والأستاذ الكامل،الشيخ محمد القوصي المدرس بالمدارس الأميرية مؤرخاً طبعتها الأولى:
من كان سلمي «11»الفكر يظهر ماخَفَ
وأخو العزيمة لايحب سوى الوفا....الخ
إلى أن يقول في ختام القصيدة:
ولحسنها الطبع الرقيق مؤرخ
صفو المعاني في رواية مصطفى
وبمطابقة عجز البيت الأخير بحساب الجُمل المعروف لدى العرب القدماء،تبين لنا أن الطبعة الأولى للمسرحية قد صدرت في سنة 1314ه،وهي توافق 1896م ،ومن الثابت أن الطبعة الثانية قد صدرت قبل سنة 1900م بدليل أن الطبعة الثالثة قد صدرت في سنة 1903م كما ورد ذلك في السجل البيلوجرافي المعنون باسم «الكتب العربية التي نشرت في مصر بين عامي 1900 1925»«12».
وقد يبدو للبعض أن عناء البحث في تواريخ طبعات هذه المسرحية،لاسيما طبعتها الأولى،أنه نوع من التكلف وعناء في غير محله،غير أن البحث في مثل هذه التواريخ لهو من أوجب الضرورات للباحث،والذي سوف يفيد الناقد أيما إفادة في بيان حظ العمل الأدبي من الريادة،والحكم عليه في هذا الشأن، وكذلك معرفة الروافد التي تأثر بها،وهل تأثر بهذا العامل أحد من اللاحقين من أقطاب هذا الفن،فضلاً عن قيمة العمل الأدبية والفنية وغير من التساؤلات التي تهم الباحثين والنقاد في المقام الأول.
ومن الغريب في الأمر أن مسرحية كهذه قد لاقت قبولاً حسناً لدى القراء ،بدليل تكرار طبعها في زمن يعد زمناً وجيزاً بالنسبة إلى العصر،ألا يذكرها الأستاذ محمد سعيد العريان ضمن ماذكره تفصيلاً أو إجمالاً عن مؤلفات الرافعي.«13»
ولعل السؤال الذي طرح نفسه تلقائياً هو؛هل وجدت هذه المسرحية سبيلها إلى خشبة المسرح،أو بمعنى آخر؛هل مثلت هذه المسرحية وعرضت على النظارة من المتفرجين؟
والحقيقة أن هذه المسرحية فيما نعتقد لم يتم عرضها على خشبة المسرح، على الرغم من أنها كانت تساير الاتجاه المسرحي في ذلك الوقت، فلم يذكرها الدكتور محمد يوسف نجم ضمن ما أورده من ثبت إحصائي لكل المسرحيات التي مثلت في مصر سواء من قبل الفرق المسرحية الكبيرة مثل «جوق سليم النقاش» أو جوق أبي خليل القباني، أو حتى جمعيات التمثيل في القاهرة والأقاليم،وعلى الرغم من قول الدكتور نجم:«كذلك كانت المدارس،بين الحين والحين تقدم بعض المسرحيات لأغراض تهذيبية أو خيرية،وكانت العادة أن تختم بعض المدارس سنتها الدراسية بحفلة تمثيلية..إلخ»«14»،إلا أنه لم يذكر تلك المسرحية ضمن ما ذكره من مسرحيات مثلت لهذا الغرض.
إننا ونحن نقدم هذا العمل الفني المجهول الذي لايدري الباحثون في أدب الرافعي عنه شيئاً، لعلى ثقة أنه سوف يلقى حظاً وافراً من الدراسة والبحث،وأغلب الظن أنه سوف يزيد من رصيد الرافعي في مجال الأدب وخاصة الأدب المسرحي.
الهوامش
1 علامات في النقد ،ج 35.م ج 9ذو القعدة 1420ه ،الأعمال الشعرية الكاملة لإبراهيم ناجي،مصطفى يعقوب عبدالنبي ،ص337374.
2 الرافد .ع 68،ابريل 2003م ،قصيدتان مجهولتان لمحمود حسن إسماعيل،مصطفى يعقوب عبدالنبي ،ص114
3 الأعلام للزركلي ،ج7 ص 229
4 ديوان حافظ ابراهيم ،ضبط وتصحيح وشرح أحمد أمين وآخرين ،ج1 ص 56.
5 الأعلام.مصدر سابق .ج7 ص 235
6 ديوان الرافعي .ج 1 ص 146
7 المصدر السابق .ج2 ص120
8 المصدر السابق .ص143
9 تطور الأدب الحديث في مصر ،د .أحمد هيكل ،ص220
10 راجع نص المسرحية ونصوص أخرى في كتاب «من مسرح الشيخ أحمد أبوالفضل القباني» ص 11 40.
11 من المؤكد والثابت هنا أن الشعر بذكره كلمة «سامي» قد أراد صراحة أن يدلل على كنية مصطفى صادق الرافعي والتي اشتهر بها وهي «أبوالسام»..حياة الرافعي،محمد سعيد العريان.ص3
12 الكتب العربية التي نشرت في مصر بين عامي 1900 1925، عايدة إبراهيم نصير،ص 261
13 حياة الرافعي،مصدر سابق،ص349
14 المسرحية في الأدب العربي الحديث ،د. محمد يوسف نجم ،ص184


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.