- د. عمر عبد العزيز .. إذا كان الانهيار السوفيتي الروسي تم على حين غفلة من التاريخ فان انهيارات شرق أوروبا جاءت ثمرة ناجزة لفعلين متوازيين : الأول يتعلق بقانون الأواني المستطرقة الذي قضى بمتابعة الانهيار السوفيتي الروسي والثاني كان محكوماً برؤية أمريكية مبادئة ومبادرة، فقد انتهجت الإدارة الأمريكية في شرق أوروبا خطأ سياسياً مغايراً تماماً لما جرى في العراق وافغانستان معتمدة على تقديم افضليات نسبية للأنظمة الجديدة هناك، ومشجعة اليمين بطيوف الوانه من خلال آلة الإعلام الرائية لجنة الرأسمالية الموعودة، كما لعب بذكاء على ورقة انضمام تلك البلدان إلى المجموعة الأوروبية وحلف شمال الاطلسي دون أن تفقد البوصلة في تحديد الأولويات التي تخدم المصالح المباشرة للولايات المتحدة في المستويات القريبة والمتوسطة والبعيدة فجاءت الصواريخ الأمريكية الموجهة إلى دول البلطيق «خاصرة روسيا في المنطقتين الشمالية والغربية» ، كما تمت المسارعة في ضم بولندا «الكاثوليكية» بمقابل تأجيل رومانيا «الارثوذوكسية» بالرغم من «سلافية» الأولى و«لاتينية الثانية» !! لكن المعادلة انحلت أخيراً بضم رومانيا «اللاتينية الارثوذوكسية» وبلغاريا «السلافية الارثوذوكية». كان واضحاً ان الأولويات لا تخلو من الانتقاء وان المخطط الأمريكي في شرق أوروبا يحتسب لتفاصيل التفاصيل في تلك المنطقة بما في ذلك العلاقات الأوروبية الأوروبية، فقد أفلحت الإدارة الأمريكية الحالية في ابهات العلاقات التقليدية بين فرنسا ورومانيا على سبيل المثال ،وكذلك بين بولندا وروسيا، وقد تجلَّى هذا الأمر في طبيعة الموقف من محاربة الارهاب والذهاب إلى العراق . جملة القول ان تجربة المداهمات الإعلامية والفنية الثقافية في تلك البلدان أثبتت جدواها وفوائدها لصالح تحقيق الرؤية الأمريكية وبما يؤدي إلى عزل روسيا وإضعاف الكبار في أوروبا الغربية وخاصة فرنسا. المقدمة الحقيقة لهذا التغول الأمريكي كمن ومازال في الضعف الداخلي الروسي من جهة، كما في افتقاد قوى اليسار والليبرالية الرشيدة لمشاريع رؤي وحراك تجعلهم يقدمون خيارات أفضل للجماهير. لقد حكمت هذه القوى على نفسها بالشيخوخة ولم تتجدد من داخل أحزابها وظلت مقيمة في طمأنينة أدبياتها الطوباوية، فيما تحرك الأمريكان وحلفاؤهم ببراغماتية تعتمد الميكيافليلية السياسية والقوة النيتشوية. [email protected]