- د. عمر عبد العزيز .. النظام العربي الذي تتكاثر عليه السهام من كل جانب ويظل سادراً في غيه وغروره هو السبب في الحالة الماثلة في جل البلدان العربية وخاصة بلدان العمق الديمغرافي الكبير والتكاثر السكاني المترافق مع متوالية عددية صاعدة حولت تلك البلدان إلى مستودعات تفريخ للأرانب البشرية فالازدهار النسبي في الصحة العامة والثقافة الغذائية جاءت بنتائج عكسية لأن الانسان مازال عصياً على التطور المتكامل متعدد الجوانب ولهذا السبب سنجد ان معدلات التكاثر السكاني في تلك البلدان تهدد الخدمات العامة بعجز لا يتوقف صعوداً. وإذا أضفنا إلى ذلك انعدام الرغبة في دفع استحقاقات الإصلاح ومحاصرة الاحتقانات المجتمعية التي تتمدد بكفاءة مخيفة فإن النتيجة المتوقعة لن تكون أقل فداحة مما نراه الآن من ظلالات في صعدة اليمانية ومقديشو الصومالية وبغداد العراقية ودارفور السودانية وبيروت اللبنانية، فالحاصل أن مقدمات هذه الحالة تكمن أساساً في دواخلنا ومرئياتنا المتكسرة، نحارب الاتجاهات المعدمية المتطرفة، فيما نبقي على بيئة التفريخ لتلك الاتجاهات.. نتحدث عن الخطط التنموية فيما نكرس المركزية الكفيلة بتجميد العوامل الإدارية والمالية المساعدة على التطور. نبحث عن تنمية بيئة الاستثمار ونعمم القوانين الأنموذجية، فيما تتكفل مؤسسة الفساد بوضع العوائق والعراقيل أمام تلك الاستثمارات.. هذا هو الحال باختصار العبارة ،وهو حال يتشارك فيه العديد من أوطان العرب النائمة على فقاعات الرذاذ والسموم القاتلة، هذا حال يقتضي من الحاكم والحكومات النظر بعين باصرة وعقل متوثب، والاعتبار مما جرى ويجري في غير مكان من الدول العربية المجاورة التي ما وصلت إلى تخوم الحرب الأهلية والتعصبات المذهبية والتنافي المرضي لولا المقدمات التي خلقت تلك الحالة. من السهولة بمكان إلحاق إخفقاتنا بالغير، والحديث عن مؤامرات الأعداء لكن هذه الحقيقة على أهميتها لا تمثل كل الصورة، ولهذا السبب لامفر من تجفيف منابع العدمية والتطرف ،بداية عبر ترسيخ دعائم النظام والقانون، واعتبار الدولة مرجعية أولى في حماية شرعية النظام والقانون، والعمل على إشراك الجماهير الواسعة في مصير المجتمع من خلال ممثليها المجازين عبر صناديق الاقتراع. هذا أمر يسير إذا حسنت النية وبانت الفوارق بين دروب الجنون والمتاهات وعالم النمو والازدهار ولا يمكن البلوغ إلى هذه المثابة إلا عبر تنازلات شجاعة تجاه الشعوب وآمالها وأحلامها. [email protected]