المتطرفون المتمترسون وراء ثقافة الموت ليسو إلا الوجه الآخر لعملة امراء الحرب السلطويين المتدثرين بأردية الدولة، الحاملين لنياشينها .. وهم فيما يدفعون بالشباب الفقير إلى الموت المجاني يقتلون معهم الأبرياء فيما يتناغمون مع الطغم اللاهجة باسم الدولة والنظام، ولنا كل الرحابة في قراءة مثل هذا المشهد في العراق والجزائر والصومال حيث يلتقي الاستئصاليون مع المتطرفين، وهو أمر حدث ويحدث في غير مكان من عالم العرب الموبوء بالاستبداد والقهر والمظالم. أدوات الانتحار الشبابية تأتي عادة من بيئة فقيرة حد الكفاف، ومن أوساط اجتماعية بائسة ازدادت رثاثة وبؤساً بالمشهد الذي يترافق معها والمفارق لحيواتها جملة وتفصيلاً، فهؤلاء الشباب يسكنون في بيوت الصفيح الأقل سعة ونظافة من زرائب الأغنام، فيما تتبرج الارستقراطيات المدينية المنحلة بأبراجها ومساحاتها الخضراء ومفارقتها التامة للمجتمع العام. وجد التطرف مادته الخصبة في الوضع العام، ومنه استقى مفرداته ورؤيته العدمية غير أن المسؤولية الجسيمة تقع أولاً وأخيراً على السلطة الممسكة بزمام الحل والعقد. السلطة التي يفترض أن تتخلّى طواعية عن الحاكمية الجائرة، والتسيير بنظرية المغانم والاستلاب. ومالم تفعل السلطة ذلك طواعية فإن متوالية الدمار والتدمير الذاتي لن تتوقف. اذاً، لابد من البحث عن الأسباب الجوهرية للمشكلة، بدلاً من الغرق في نتائجها. ما نراه ماثلاً في عديد من البلدان العربية نتيجة لأسباب عميقة وغائرة في صلب الجسد الاجتماعي الثقافي الاقتصادي، وبالتالي تصبح معالجة تلك المشاكل الاجتماعية الحياتية المدخل السليم لمغالبة التطرف ونتائجه المدمرة. تكمن مقدمات بيئة التطرف والعدمية واستدعاء الخرافات في أساس المفاعيل الحادثة في الوجود الاجتماعي للدول العربية الأكثر استغراقاً في الاستبداد الظاهر والمستتر، وما لم يتم سد المنابع ودرء الأسباب سنظل ندور في حلقة مفرغة للكر والفر المتبادلين بين أوليغاركيا الدولة ، وجنون التطرف. [email protected]