يبدو السعال ليوم أو ليومين أو حتى لأيام قلائل أمر مألوف لايبعث على القلق، وربما لايلقون له البعض بالاً، لكنه إذا استمر ولم يتوقف وتجاوز الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع دون أن تفلح الأدوية في وقفه، بات الوضع مختلفاً، يتطلب عرض المريض على طبيب مختص في أمراض الصدر والجهاز التنفسي، فلربما ثبت بفحص البصاق وجود إصابة بمرض السل. . ولا داعي أن نفزع لخبر الاصابة، طالما وأن المرض قابل للشفاء تماماً إذا تابع المريض علاجه بانتظام لفترة محددة دون انقطاع على نحو ما وصف له وقرر من قبل الطبيب المختص. . حول هذا الموضوع بحقائقه وملابساته جرى لقاؤنا مع الدكتور/أمين نعمان العبسي مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة السل، في السياق التالي: السل وأشكاله باختصار .. ماهو السل؟ وما أشكال الاصابة بهذا الداء؟ السل أو التدرن مرض تسببه جراثيم تسمى عصيات «باسيلات» السل، تدخل الرئتين عن طريق التنفس،ويمكن أن تستقر في أماكن أخرى في الجسم، لكنها في الغالب تستقر في الرئتين. وحينما تتأذى الرئتين بهذه الجراثيم يبدأ الشخص المتلقي للعدوى بالسعال وإخراج القشع «البصاق» من الرئتين ولايجد سهولة في التنفس، وبالتالي إذا لم يعالج معالجة صحيحة يمكن أن يموت بسبب هذا المرض.. وأشكال السل كثيرة، قد يصيب أي عضو من الأعضاء داخل الجسم، إلا أنه يصيب الرئتين بشكل أساسي، ويصنف إلى: سل رئوي: يصيب الرئتين إذا ماثبت بفحص البصاق أنه إيجابي عندها يسمى بالسل الإيجابي القشع «البصاق» ويكون معدياً أما غير المعدي فيسمى بالسل الرئوي السلبي القشع. سل خارج الرئة: يمكن أن يصيب أي عضو في الجسم «كالجهاز البولي التناسلي الأمعاء العظام المفاصل الغدد اللمفية سحايا الدماغ العمود الفقري ...الخ». العدوى ووسائلها بالحديث عن طرائق العدوى، ماالكيفية التي ينتقل من خلالها السل من شخص إلى آخر؟ يمكن لعصيات السل البقاء على قيد الحياة لعدة ساعات خاصة في الأماكن المظلمة قليلة التهوية غير المعرضة لأشعة الشمس، حيث تنتقل عدوى السل عن طريق. التنفس: من خلال سعال أو عطس المريض واستنشاق الشخص السليم المتلقي للعدوى عبر التنفس لجراثيم السل المتناثرة في الرذاذ المتطاير في الهواء لتصل إلى أعماق الرئة، مع العلم بأن هذه «المتفطرات» يمكن القضاء عليها بالهواء النقي عبر التهوية الملائمة وأشعة الشمس القاتلة للجراثيم خلال نصف ساعة. بالتالي يجب على المريض بالسل وضع منديل على فمه عند السعال أو العطس وعدم البصق على الأرض حتى يجنب الآخرين العدوى. جهاز الهضم: عن طريق شرب الحليب الملوث من ضرع بقرة مصابة بالسل، لكن العدوى من هذا النوع أصبحت نادرة الآن. الأعراض وخصائصها بما أن السل مرض وخيم فلا شك أن له أعراض مميزة، فما طبيعة هذه الأعراض؟ ومتى يمكن التمييز بينها وبين أعراض الأمراض التنفسية الأخرى المتشابهة؟ اهم أعراض الإصابة هي السعال المستمر والمتواصل الذي يمكن أن يترافق مع ألم في الصدر ونفث الدم أحياناً، مصحوباً بنقص الشهية وفقدان الوزن مع ارتفاع درجة حرارة الجسم وتعرق ليلى.. هذا في حالة السل الرئوي. أما في حالات السل خارج الرئة، فيصاحبه نفس الأعراض السابقة دون سعال أو ألم في الصدر ونفث للدم، كما يمكن معها ظهور أعراض خاصة بحسب مكان الإصابة. ثمة نقطة هامة للتفريق بين أعراض السل وأعراض الأمراض التنفسية الأخرى المتشابهة وهي أنه إذا حدثت الأعراض التنفسية المذكورة والسعال ولم يتحسن المريض بعد تناوله المضادات الحيوية العادية ومهدئات السعال لمدة «2-3 أسابيع» حينها يجب أن يفكر من ظهرت لديه هذه الاعراض أنه ربما يكون مصاباً بمرض السل، كذلك عند اشتباهنا باصابة الغير بالسل، وعندها يجب التوجه لأقرب مركز صحي في أي مكان دون تأخر أو تردد. ويتحدد دور الطبيب في هذه الحالة في: القيام بالفحص وطلب تحليل ثلاث عينات متتالية من البصاق لكشف «عصيات كوخ». طلب أشعة للصدر في حال أن ظهرت نتيجة فحص البصاق السلبي القشع للتأكد من وجود إصابة من عدمها. استراتيجية العلاج - معلوم أن علاج السل يتطلب مدة طويلة.. كم هي هذه؟ وما الشروط الواجب التقيد بها لإنجاح العلاج؟ بطبيعة الحال يتطلب السل علاجاً على المدى الطويل يمتد إلى ثمانية أشهر أو أكثر مع انتظام في تناول الدواء بلا انقطاع، وهنا تقسم المعالجة إلى مرحلتين اساسيتين، الأولى وتسمى المرحلة البدائية أو المكثفة، تستمر لشهرين، يتناول المريض خلالها أربعة أدوية مركبة في قرص واحد، وفي نهاية هذه المرحلة، بالتحديد عند اليوم السادس والخمسين، يعاود فحص بصاق المريض للتأكد من خلوه من جراثيم السل، فإذا بقي منها شيء تمدد المعالجة بالأربعة الأدوية لشهر آخر «28 يوماً». وبعد انتهاء المرحلة الأولى، بعد التأكد من خلو المصاب من الجراثيم من خلال فحص البصاق، تبدأ المرحلة الثانية «مرحلة المتابعة والاستمرار» والتي يتعاطى فيها المريض دوائيين في قرص واحد لمدة ستة أشهر «168 يوماً». تسمى هذه الطريقة بالعلاج اليومي تحت الاشراف المباشر «DOTS« ،وقد ثبتت فاعليتها في ضمان الشفاء للمصاب بشكل قاطع، حيث يتم تطبيقها في كافة المؤسسات والمرافق الصحية في البلاد. المعالجة بالمنزل.. والغذاء - هل من الممكن تطبيق نظام المعالجة قصيرة الأمد تحت الاشراف اليومي في المنزل؟ ومتى يتسنى ذلك؟ يمكن للمعالجة القصيرة الأمد تحت الاشراف اليومي المباشر «DOTS» أن يعطى الأدوية في المنزل من خلال عمال الرعاية الصحية، كما بإمكان المريض اختيار من يشرف على معالجته ممن يهبه الثقة، كأحد أفراد أسرته أو صديق أو قريب. وفي حال أن كانت المسافة بين المركز الصحي، المستشفى، وحدة الرعاية الصحية الأولية وبين سكن المريض تستغرق ثلاثين دقيقة سيراً، فيمكن حين ذلمك أن تعمل فيها، بتناول المريض للعلاج في أي مما ذكرنا من المرافق الصحية يومياً تحت الاشراف المباشر لعامل الرعاية الصحية الأولية. - ما الأغذية المفيدة التي ينصح بها لمرضى السل؟ يلزم على مريض السل تناول الأغذية المتوازنة، كالخضروات والفواكه وزيادة الأغذية الغنية بالطاقة والحبوب ومنتجاتها واللحوم بأنواعها والألبان ومشتقاتها والبيض، وكذا البقوليات مثل «العدس الفول الفاصوليا». ثمة نقطة هامة يلزم أن ننوه بها وهي أن الاهمال أو الانقطاع عن تناول أدوية السل يلحق الأذى والضرر بالمصاب، والنتيجة دون شك أن جراثيم السل يمكن أن تكتسب مناعة تضعف كفاءة أدوية السل وربما قدرتها في علاج المريض وشفائه من هذا المرض الوخيم. في الختام.. لابد لمريض السل من تناول العلاج المقرر له تحت الاشراف اليومي المباشر بانتظام للمدة المحددة له دون انقطاع، فمن شأن توقفه عن العلاج أن يؤدي إلى ظهور سلالات للمرض مقاومة للأدوية يصعب علاجها والشفاء منها. * المركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.