بالرغم من التشاؤم الكبير الذي سبق القمة العربية الأخيرة.. وبالرغم من الخيبات التي تتالت مع القمم السابقة؛ إلا أن قمة الرياض بدت مكاشفة للحقيقة وقريبة من نبض الشارع العربي خاصة أن أدبياتها تركزت على استجلاء معالم المشكلات العربية الداخلية من خلال بيان الرياض الذي وضع النقاط على الحروف حول الهموم المشتركة عربياً والتي تتلخص في التنمية وثقافة السلم والنظر إلى الآخر الإنساني وضرورة الإصلاح. تلك المحددات تعدُّ بذاتها كشفاً غير مسبوق في خطاب الأنظمة العربية، واعترافاً ضمنياً بأن هناك مشكلة جوهرية في الداخل العربي لابد من تشخيصها وصولاً إلى مواجهتها. وإلى ذلك بدأ الإجماع العربي حول المبادرة التي تقدم بها الملك/عبدالله بن عبدالعزيز ونالت موافقة قمة بيروت السابقة.. بدا ذلك الإجماع المترادف مع تفعيل المبادرة بمثابة رسالة ناجزة للعالم برمته، فالعرب ليسوا دعاة حرب، ولا يحيدون عن ثوابت الشرعية الدولية المحددة في القرار 242 الذي يعد الأراضي العربية التي احتلتها اسرائيل بعد نكسة حزيران بمثابة أرض يفترض أن تعود لأصحابها. كما أن التعللات اليهودية التقليدية حول القدس وحق العودة مردود عليها في ذات القرارات الدولية التي يجيزها العالم برمته إلا اسرائيل ودويلة ميكرونيزا المجهولة والفيتو الأمريكي عند كل استحقاق عادل. هذه المرة أمريكا المأزومة تتوق إلى إنجاز نصر سياسي يغطي على خيباتها الكبيرة في العراق وأفغانستان والصومال، وهي فرصة ثمينة لمواصلة الضغط العربي المتكامل على مختلف المستويات وكشف التعنت الاسرائيلي للعالم. قمة الرياض فتحت باب الأمل وباعتراف العديدين من الزعماء العرب الذين كانوا على شك كبير، فإذا بهم يعودون بروحية جديدة تتجاوز القُطرية الضيقة. [email protected]