هكذا يباشر كوكبة من فناني الكاريكاتير صرختهم المدوية “ لا للحرب “، تلك الجملة الصادرة من أساس وتضاعيف المشهد التراجيدي للبشرية المعذبة بالمتاهات والويلات والاستباحات. ويتصدّى الفنان المطبوع حامد عطا للفكرة واستتباعاتها الباهظة متقدماً الركب، ومنطلقاً من رؤيته غير المُجيّرة على حالة حدثية طارئة، بل من تجربة مديدة مع ريشته التي تمرّغت طويلاً في تضاريس الحروب والأحداث والمفارقات، فأصبحت رسوماته المُحايثة لرسومات زملائه بمثابة البُعد المشهدي البصري لذاكرة موصولة بأجيال الأنين والحنين . في هذ إصدار مطبوع يسهم فيه كبار فناني الكاريكاتير ويترافق مع مشروع ترحال ورسالة، ينتظم كوكبة الأسماء الراكزة في سماء التعبير الفني، فيما تتساوق منظومة البشارة الفنية مع حراك افقي ورأسي في المكان والزمان، فالتجربة حاضن إبداعي ودلالي لرحلة طويلة تستمر في مدى الأيام والاشهر والسنين، مُستعيدة عبقرية التاريخ والجغرافيا، ومعيدة تدوير الرسالة..مُخاطبة الضمير الجمعي للبشرية التوّاقة للخروج من محنة الحروب والانتفاءات العدمية والتعصب والبؤس، ومكرسة مردودها الافتراضي معنوياً ومادياً.. أخلاقيا ووجودياً، لصالح استمرار الرسالة وانتشارها كضياء يُبدد الظلمة، وينتصر للسلم والتعايش والطمأنينة. إن الملحمة الفنية الرسالية المقرونة بمداهمة ومُباشرة الأنواء والرزايا سوف تستطرد على كامل المنظومة الأخلاقية المعرفية والثقافية، مُشيرة بالبنان لما يتعارض مع نواميس الأرض وحكمة السماء، ومُقيمة في زمن العطاء الثر والمتفاعل مع الإنسان أينما كان . إنها رسالة فناني الكاريكاتير الذين يترسّمون طريق الحلم الألفي الفاضل، فيما يتنكّبون مشقة الفعل الخادش لحياء الأيام وأحوالها، واضعين أنفسهم في قلب التراجيديا والمشهد، مقررين السفر المتداعي مع المعاني الكبيرة للرسالة، ومبارزين ثقافة الحروب وأهلها .