العقد الاجتماعي التنموي الخليجي استقام ومازال على استيعاب التنوع المؤكد بين دول المجلس، وهذا يشكل رافعة أخرى لاستيعاب الحالة اليمنية بكل خصوصياتها، ومن محاسن الأقدار أن اليمن، حكومة ومعارضة، يعترف بالأخطاء والخطايا، بدليل الأهداف المعلنة والتي من أبرزها: مكافحة الفساد، وتعزيز هيبة ومكانة الدولة، وتحقيق تنمية سريعة، والتخلي عن المركزية المالية والإدارية، وتعزيز نظام الحكم المحلي، وتسوية الطريق للشراكة اليمنية، والتي بدأت من خلال سلسلة من الإجراءات المالية والجمركية والاستثمارية . إذا كان اليمن بحاجة ماسة إلى ضخ مالي استثنائي لتعزيز التنمية فإن ما يشجع على ذلك يتمثّل في الآتي: ?العمق البشري المترافق مع ثقافة عمل تاريخية مشهودة، فاليمانيون بناة حقيقيون، جديون في العمل، محبون للاعتماد على النفس، مروضون للطبيعة، متواشجون في التعاون، وتواقون دوماً للتطور. ?توفر عمالة حرفية ومهنية مجربة خاضت غمار الأعمال المهنية المختلفة في اليمن وخارجه، وهؤلاء بجملتهم يشكلون رافعة أساسية في التنمية الاستثمارية والخدماتية. ?عشق اليمانيين لكرامة العطاء والكسب المشروع، فالأصل في اليمن الالتزام وشرف المهنة لا اللصوصية والنصب والاختطافات التي تعتبر طارئة على ثقافة اليمن وأهله. ? التنوع المناخي والجغرافي والجيولوجي الفريد والذي يسمح بأنماط متعددة من الاقتصاديات الزراعية والسمكية والاستخراجية والسياحية. ? توفر حد معلوم من البنية التحتية القابلة للمزيد من التطوير، فالطرقات تنتشر في ربوع البلاد، وقد تم شق ما يزيد على 75 ألف كيلومتر خلال السنوات القليلة الماضية، فيما تنتشر مضخات وأنظمة الري، غير أن ذلك لا يعني ان مشاريع البنية التحتية قد اكتملت، بل العكس، فاليمن بحاجة ماسة وملحة إلى آلاف الميجاوات من التيار الكهربائي، وإلى شبكة طرقات سريعة واسعة بين المدن، وإلى مئات بل آلاف الأنفاق والجسور الجبلية، وإلى العديد من مؤسسات النقل الجوي والبحري والبري، وكل هذه الأمور لن تتوفر لمجرد وجود التمويل الكافي، بل لابد من بيئة إدارية وتنموية حاضنة تعتمد على المبادرات الخلاقة الموصولة باللامركزية والمسؤولية المحلية، وتطلق العنان لآليات مختلفة عن تلك التي سادت وكانت سبباً في تعطيل التنمية والتطوير.