ثمن باهض يدفعه المدمن على المخدرات إن كان من صحته أو لما يحلقه من أذى بغيره.. وما أكثر مانسمع أو نقرأ من فضائع بشعة يقف ورائها اشخاص مدمنون تحت تأثير المخدر ، حتى أنه لم يعد مستغرباً اقدام مدمن على قتل ولده أو والده أو أمه أو زوجته ، فجرعة أو جرعات قليلة من المخدر تعدل الكثير ، وكل مايرجوه المدمن.. توفير ثمنها ليسد حاجة إدمانه من المادة المخدرة ، فإن لم يجد مالاً سعى لنيله بأي وسيلة مهما يكن الثمن ، ولو اضطر إلى القتل أو السرقة أو حتى لو كلفه الأمر حياتة إنها حقاً مصيبة ما بعدها مصيبة وكارثة تدمر صحة متعاطيها وتقود به في النهاية إلى الهلاك المحقق. وتشير التقديرات إلى أنه خلال الاثنى عشر شهراً الماضية هناك نحو 300 مليون شخص في العالم ممن ينتمون إلى الفئة العمرية من 15 64 عاماً أي مايماثل 5% من سكان العالم تعاطوا المخدرات بطرق غير مشروعة. وفي شريعتنا الإسلامية يعد تعاطي المخدرات من المحرمات و قد نصت الاحاديث النبوية الشريفة ( على صاحبها افضل الصلوات وأتم التسليم) على تحريمها ، فهي من المسكرات شأنها شأن الخمور ، حيث روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : كل خمر مسكر وكل مسكر حرام ، وقوله أيضاً «ما أسكر كثيره فقليله حرام» . ويقول المولى جل وعلا فيمن يضيع نفسه ويسلمها للهلاك ، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكه» ، وفي أية أخرى يقول سبحانه «ولا تقتلوا أنفسكم ، إن الله كان بكم رحيماً». ومما يؤكد حرمة وفظاعة تعاطي المخدرات أن ثمة مظاهر وأثاراً تبدو جلية واضحة على متعاطيها ، حددتها المصادر الطبية المتخصصة في : اختلال أحجام واشكال المرئيات والمسافات. ارتعاش الاطراف وتغير الصوت. فقدان التوازن وضعف الحركة. ثقل الكلام وترنح الخطى. الهلوسة الحسية والسمعية والبصرية كرؤية الاشباح أو الاشياء الوهمية. البلادة والنسيان. اضطرابات عقلية شبيهة بالجنون والعته. بعض مظاهر الخمول والقلق والحزن والاكتئاب أو الفرح من دون سبب. الحكم الخاطئ على الاشياء والإحساس بالكآبة. زيادة الانفعال والخوف والاضطراب النفسي. الانحطاط في الشخصية والشعور الزائف بالاضطهاد . ضعف التركيز والذاكرة الذين يؤديان بدورهما إلى الفشل في العمل أو في الدراسة. إلى ذلك يقود الإدمان على المخدرات بالمتعاطين المدمنين عليها إلى هلاج محقق لا راحة فيه بابشع واردأ الصور. ومن المخدرات ماهو طبيعي .. عبارة عن نباتات تؤخذ وتستعمل دون تغيرها ، من مثل «الافيون الحشيش» وهناك مخدرات مخلوطة يتم إعدادها بخلط مواد طبيعية مع مواد أخرى كيميائية مثل «المورفين الهرويين الكوكايين» . كما أن هناك مخدرات كيماوية تأتي في صورة عقاقير مصنعة من مواد كيميائية لها نفس تأثير المخدر الطبيعي والمخلوط .. منها ما يضر بالجسم أكثر من النوعين السابقين ، مثل «الامفيتامين الكبتاجون عقار الهلوسة... الخ». وفي حين لايزال الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن اليمن بمنأى عن هذه الآفة ، فقد خفي عنهم أن زراعة الحشيش في المناطق الجبلية البعيدة تمارس ، إلى حد ما حتى الآن ، وإن كان ذلك بشكل محدود مشوب بالحذر والتواري عن أنظار الناس وعن أعين السلطات الأمنية فمادة الحشيش اساساً من المواد المخدرة الرائجة لدى مدمني المخدرات ، ولها مصدران ، مصدر محلي كما ذكرنا ومصدر خارجي يأتي من البلدان الأكثر إنتاجاً في العالم لمادتي «الهروين والكوكايين »، المخدرتين ، كافغانستان وبعض دول امريكا الجنوبية وجنوب آسيا وذلك عن طريق البحر. إن عمليات ادخال هذه التجارة الخبيثة والعبور بها عبر البلاد تستهوي مهربين لتوزيعها محلياً أو لتهريبها إلى البلدان الأخرى ،وبخاصة بلدان الجوار ،مستفيدة من الشريط الساحلي الطويل للبلاد الذي يمتد لأكثر من 2500 كليو متر ، فموقع اليمن الجغرافي المتميز كمنطقة عبور يسيل له لعاب مافيا المخدرات لوقوعها بين دول العالم الأشد انتاجاً كافغانستان ، ودول جنوب وجنوب شرق آسيا ، وبين دول العالم التي يشيع فيها كثيراً استهلاك المخدرات ، كدول الخليج ومصر وبالتالي شجعهم على استغلال موقع اليمن الفريد ليكون معبراً لهم لتهريب وبلوغ زبائن ومروجي المخدرات في المنطقة وملجأ لتخزين المواد المخدرة في أماكن خفية بعيدة عن الأنظار لبعض الوقت. فيما يقع تركيز من يتاجرون بتلك السموم القاتلة ومن يروجون لها على شباب طبقة الأغنياء بشكل خاص لتمتعهم بقوة شرائية كبيرة. وأكثر مايقودهم إلى الادمان عليها ما أجمع علماء النفس والاجتماع عليه ، وهو : ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى الله تعالى في الشدائد والمحن. الهروب من مواجهة المشكلات. أصدقاء السوء الذين يزينون لاصحابهم قبائح الأعمال والأفعال. الترف الزائد ووفرة المال لدى الكثير من الناس. الفراغ القاتل ومحاولة شغله بأي وسيلة. سوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة الأبناء تنشئة دينية سليمة. التفكك الأسري وضياع الأبناء. اغراء الشباب بأن المخدرات تعين على نسيان الالم والحزن وتساعد على الهروب من المشاكل والهموم. اللجوء إلى بعض الأدوية المهدئة دون استشارة أهل الاختصاص التي توقع المرء في الادمان دون أن يشعر بذلك. الفضول وحب التعرف على حقيقة مايشعر به المتعاطي. التشبة بمجموعة المتعاطين الذين يشكلون للبادي ضغط واغراء وتيسير. القنوات الفضائية الفاسدة فيما تبثه من برامج وافلام منحطة. اعتقاد عدم تحريم المخدرات. تقليد بعض المشاهير من أهل الفن والطرب الذين يتعاطون المخدرات. الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد من القدرة الجنسية. الرغبة في زيادة القدرة على العمل والسهر والمذاكرة. تهاون بعض الدول في التصدي لهذه المشكلة. وجود عصابات متخصصة في الترويج للمخدرات وتسهيل وصولها إلى التجمعات الشبابية ، كالجامعات والنوادي. ولايقل علاج الادمان اهمية عن مكافحة اتجار وتهريب المخدرات والترويج لها مايعني بالضرورة تخصيص اقسام في المستشفيات لعلاج المدمنين على المخدرات أو انشاء مراكز متخصصة لعلاج الادمان واتخاذ اشد العقوبات صرامة على كل من يثبت عليه أنه يتجر بالمخدرات أو يهربها أو يروج لها. كما لابد من فرض رقابة دوائية فاعلة تنظم مسألة صرف الأدوية المخدرة إلى المنتفعين من المرضى وفق شروط وضوابط طبية محكمة بعيدة عن العشوائية. كذلك تقع على وسائل الإعلام وقادة الرأي والمؤثرين في المجتمع وعلماء الدين وخطباء المساجد مسؤولية توعية المجتمع باضرار المخدرات صحياً واقتصادياً واجتماعياً. واسمى مايقدمه الشرفاء من ابناء هذا الوطن المعطاء خدمة لوطنهم ومجتمعهم.. هو ابلاغ الجهات الأمنية عن أي انشطة تهريب أو اتجار بالمواد المخدرة متى صادفوا أو رصدوا اعمالاً أو تحركات من هذا القبيل. وختاماً : على الوالدين تحمل مسؤوليتهما الكبرى في التربية الحسنة للأبناء وتقويم سلوكهم ومتابعة تصرفاتهم وابعادهم عن مخالطة رفقاء السوء ومن الانخراط بهم بأي شكل من الاشكال ، فصحبة السوء نتائجها الانحراف والادمان على المخدرات وافتعال قبائح الأعمال وارتكاب افضع الجرائم ، أجار الله شبابنا صحبة السوء ومفاسدهم. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني.