منذ عصور مبكرة لعبت المرأة اليمنية دوراً هاماً في الحياة السياسية والاجتماعية والتنموية، وبرزت رائدات أقمن حضارات وسطرن أسماءهن على صفحات التاريخ، كملكة مملكة سبأ “بلقيس” التي شيدت أعظم حضارة قبل الإسلام، وذكرت في القرآن الكريم، والسيدة أروى بنت أحمد التي حكمت اليمن على رأس الدولة الصليحية في عصور الدويلات اليمنية.. وفي الوقت الراهن رغم ما وصلت إليه المرأة في اليمن من مشاركة سياسية وتبوأت مواقع قيادية ومناصب في صناعة القرار من وزيرة وسفيرة وقاضية وغيرها إلا أنها ما زالت دون طموحها وقدرتها على تفجير كافة طاقاتها للعطاء.. وما زلن يطالبن بالتمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويحشدن الدعم للنصرة.. ورغم خذلان الأحزاب السياسية للنساء قبل الانتخابات الأخيرة التي جرت في سبتمبر 2006م، بتخصيص دوائر مغلقة على النساء بنسبة 15 بالمائة كاتفاق مبدئي بين الأحزاب السياسية استجابة لمطالب المرأة اليمنية باعتماد “نظام الكوتا” لتعزيز المشاركة النسائية في المجال السياسي والاقتصادي.. إلا أن مؤسسات نسوية طالبت قبل التشكيل الحكومي الجديد في مايو الماضي، في بيان لها بتخصيص حقيبة ضمن التشكيل الحكومي خاصة بتنمية المرأة.. في حين أعلن وزير الإدارة المحلية مطلع الشهر الجاري عن توجه وزارته لتقديم تعديل قانوني يخصص للمرأة نسبة في السلطة المحلية، إما ناخبة أو معينة لتعزيز مشاركتها السياسية والاقتصادية وفي التنمية المحلية. وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” استطلعت الآراء حول هذا التعديل القانوني، وأي المطلبين تؤيد النساء أكثر، تخصيص نسبة من المقاعد لهن (نظام الكوتا) أم إنشاء وزارة خاصة بتنمية المرأة؟ مشاركة المرأة مطلب ديمقراطي وزير الإدارة المحلية عبدالقادر علي هلال أشار إلى أن وزارة الإدارة المحلية لديها قناعة بأهمية تعزيز دور المرأة في إطار التنمية المحلية.. حيث قال: إن المرأة التي تعتبر نصف المجتمع، وهي أكثر عدداً في التعداد السكاني، لديها طاقات كبيرة يمكن استغلالها في اتجاه تحقيق التنمية المحلية من خلال تعزيز مشاركة المرأة في السلطة المحلية، إما منتخبة أو معينة. مستدلاً على قدرات المرأة اليمنية بما حققته اليمنيات الرائدات كالملكة بلقيس والسيدة أروى، إلى جانب ما أفسحه الإسلام للمرأة لمشاركة الرجل في كافة المجالات لبناء المجتمع، كونها النصف الآخر، ولم يقتصر ذلك على المجالات الدنيوية بل تعداه إلى المجال الديني، حيث كانت عائشة مرجعاً للإفتاء الديني، وروت عن رسول الله العديد من الأحاديث.. منوهاً بأن مقترح التعديل القانوني الذي ستتقدم به وزارته إلى البرلمان لتخصيص نسبة لا تقل عن 20 بالمائة للمرأة يأتي في إطار السعي إلى تعميق التجربة المحلية وتعزيز نظام السلطة المحلية والانتقال إلى اللامركزية لتحقيق التنمية المحلية وتجذير التجربة الديمقراطية. وقال هلال: إن تعزيز مشاركة المرأة يعد أحد أوجه ومتطلبات النهج الديمقراطي الذي انتهجته اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة، إلى جانب التعدد السياسي وحرية التعبير والحق في تشكيل منظمات المجتمع المدني، وهذا ما تدعمه القيادة السياسية بقوة. مضيفاً: إن الاستراتيجية الوطنية لتطوير نظام السلطة المحلية ستفرد للمرأة محوراً خاصاً لتعزيز دورها في إطار السلطة المحلية خاصة أن مجلس الوزراء قد أقر مقترح الإدارة المحلية مطلع الشهر الجاري الخاص بإضافة عضوات عن اللجنة الوطنية للمرأة واتحاد نساء اليمن إلى قوام اللجنة المكلفة بإعداد الاستراتيجية. ما بين (الكوتا) والتعيين فاطمة صالح اللهبي مديرة إدارة تنمية المرأة في محافظة الضالع ترى أن تحديد نسبة للنساء في المجالس المحلية هي الطريقة الأنسب في الوقت الراهن. وتضيف أميرة بنت بريك مديرة إدارة تنمية المرأة في محافظة تعز بالقول: من أجل تفعيل دور المرأة في التنمية المحلية، وعلى مستوى السلطة المحلية والمؤسسات الرسمية، يجب ترفيع إدارات المرأة إلى إدارات عامة، وإبراز دور المرأة القيادي في نطاق السلطة المحلية. لكن إيمان يحيى محسن النشيري مديرة إدارة تنمية المرأة في محافظة ذمار ترى أن القصور ليس في القوانين الخاصة بالمرأة، وتوسيع دورها ومشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكن في الوضع الاجتماعي.. وتطالب أن تكون القوانين ملزمة للتنفيذ خاصة ما يتعلق بتمكين المرأة في الهيئة الإدارية للمجالس المحلية، وتسهيل وصولها إلى مراكز صنع القرار. في حين ترى قدرية عبدالله يسلم مديرة إدارة تنمية المرأة بأبين أن نظام الكوتا سيتيح للمرأة فرصة المشاركة في كافة المجالات، وسيمكنها من الحصول على مقاعد وزارية وبرلمانية تليق بقدراتها. من واقع التجربة وتوجهنا إلى نساء استطعن أن ينتزعن بعض مقاعد المجلس المحلي في المحافظات، لنعرف من خلال تجربتهن أيهما أجدى للمرأة، نظام (الكوتا) للوصول إلى الوزارة، أم تخصيص وزارة لتنمية المرأة والوصول إلى مقاعد في السلطة المحلية والبرلمان؟ الأخت/فائزة حسن البعداني عضوة المجلس المحلي في محافظة إب ترفض التغني بتخصيص حقيبة وزارة للمرأة.. وتقول: نريد تحديد حصص خاصة بالمرأة في البرلمان بنظام (الكوتا)، ولكن بنسبة أعلى. وتضيف: سوف تكون المرأة محصورة بوزارة واحدة، في حين يمكن أن تعمل المرأة في عدد من الوزارات، وتبدع في عملها لأن المرأة نصف المجتمع. أم الخير الصاعدي رئيسة لجنة الشئون الاجتماعية بالمجلس المحلي في محافظة عدن ترى أن نظام “الكوتا” يمكن أن يغني المرأة في الوقت الحالي على الأقل من تخصيص حقيبة وزارية لها. وتوافق أم الخير زميلتها فائزة البعداني بأن تخصيص حقيبة وزارة للمرأة بدلاً عن (الكوتا) يعني حصر المرأة في وزارة واحدة تسمى وزارة تنمية المرأة، وستصبح النساء متقوقعات فيها دون الدخول إلى المجالات الأخرى، وهذا ليس عملاً (جندرياً) بحسب قولها، بمعنى نوع اجتماعي، ومساواة الرجل بالمرأة في كل الفرص.. وتشير الصاعدي إلى أن هناك تجارب في بعض الدول العربية التي خصصت وزارات لتنمية المرأة، حيث إن المرأة لم تستفد من تلك الوزارات. بينما ترى آمنة محسن العبد عضوة المجلس المحلي في محافظة أبين أن تتضمن تعديلات قانون السلطة المحلية تخصيص لجنة في الهيئة الإدارية للمجالس المحلية للمرأة، لتكون مشاركة في قرارات المجلس المحلي وضمان عدم تهميشها، وإعطاء اللجان للرجال. وقالت العبد: مع أن المرأة تخوض الانتخابات مثلها مثل أخيها الرجل، وحصلت في بعض المحافظات على أعلى الأصوات.. إلا أنه عند ترتيب وانتخاب الهيئات الإدارية للمجالس المحلية استثنيت المرأة.