تصدرت الطالبات في اليمن وربما للعام الخامس على التوالي قوائم أوائل الثانوية العامة على مستوى الجمهورية وبشكل أصبح تصاعدهن واتساع مساحة تصدرهن مثيراً لأكثر من تساؤل حول الأرضية التي تعزز عاماً بعد عام من صدارتهن على حساب تراجع الطلاب.. استطلاع/سمية غازي ففي العام الدراسي 2002 2003م فاجأت الطالبات الجميع بفوزهن بالنصيب الأوفر من مقاعد أوائل الجمهورية حيث بلغ عددهن 16 مقعداً من بين 26 مقعداً في القسم العلمي و19 مقعداً من بين 22 مقعداً في القسم الأدبي..فيما حازت الفتيات في العام الدراسي 2003 2004م على 20 مقعداً من بين 26 في القسم الأدبي وسجلن تراجعاً بواقع مقعد واحد في نتائج القسم العلمي إذ لم يحصلن سوى على 12 مقعداً من بين 26 في القسم العلمي.. وكذا في العام 2004 2005م تقدمت الفتيات في القسم الأدبي 16 مقعداً من بين 20 وتراجعن بمقعد واحد في نتائج القسم العلمي إذ حصلن على 10 مقاعد من بين 22 في القسم العلمي..فيما كانت الطالبات في الصدارة في عام 2005 2006م ب 15 مقعداً من أصل 25 في العلمي..و23 مقعداً من أصل 25 في الأدبي. أما في العام 2006م 2007م فقد تقدمت الفتيات بفارق مقعد واحد أي عشرة مقاعد للفتيات مقابل 9 للبنين في القسم العلمي، بينما لم يحصل الطلاب في الأدبي سوى على مقعدين من بين 23 جميعها للطالبات. والمتمعن في قراءة تفاصيل الأرقام سيلاحظ تنافساً محموماً أسفر عن استئثار الفتيات أكبر قدر من مقاعد أوائل القسم الأدبي ووصلت المنافسة إلى أوجها في نتائج القسم العلمي لم يتح للطلاب بالتصدر سوى في عامين ومقعد واحد فقط بينما تصدرت الطالبات في بقية الأعوام بشكل لافت. الانضباط والالتزام من الطبيعي جداً أن تؤثر المدرسة بشكل أساسي في تكوين شخصية الطالب وتحديد مساره العلمي، وفقاً لمديرة مدرسة الشيماء للبنات نجية تقي التي أكدت أن الأسرة والمدرسة بتكامل دورهما في أداء الرسالة التعليمية يستطيعان إخراج ملكات الطالب وتقويمها واستثمار ذكائه وقدراته في المكان المناسب. وحول أسباب استحواذ الطالبات على مراكز الصدارة في نتائج الثانوية العامة تقول مديرة المدرسة: «معلوم أن إدارات مدارس البنات أكثر التزاماً وقدرة على التحكم بأداء المدرسة والطالبات من إدارات مدارس البنين، وكذا أكثر جدية وانضباطاً الأمر الذي يؤثر إيجابياً في سير العملية التربوية داخل المدرسة. وتضيف: في الوقت الحالي ظهرت الكثير من العوامل التي جعلت الطالب يتعامل مع التحصيل والأداء العلمي بأسلوب يمكن وصفه بالاستخفاف كالانترنت والألعاب الالكترونية والتلفزيون إلى جانب تعاطيه القات والانضمام لمجاميع الأصدقاء بشكل دائم والتي تكون أكثر بعداً عن الاهتمام بالدراسة وبعيداً عن أولوياتها..منوهة باللامبالاة وسلبية بعض أولياء الأمور تجاه أبنائهم الذكور وغياب التوجيه والتنسيق مع المدرسة.. فضلاً عن غياب القدوة الحسنة للطلاب وزيادة العنف النفسي والجسدي الذي يمارس على الطالب دون مراعاة للمرحلة العمرية التي يمر بها في فترة دراسته.. ممايعطي نتيجة وردة فعل عكسية من قبل الطلاب لاسيما بمرورهم في مرحلة نفسية حرجة هي مرحلة المراهقة والتي تتطلب التعامل معها وتوجيهها بأساليب تربوية وعلمية معينة. واعتبرت نجية تقي أن التفاوت العمري بين الطلاب في نفس المرحلة الدراسية، قد يشكل نوعاً من القلق النفسي وعدم التوازن لدى الطالب الأصغر سناً الذي قد يحذو حذو طلاب أكبر منه ويتقمص عادات وسلوكيات سلبية أكبر من سنه الحقيقي..تتفق معها وفاء الأغبري مديرة مدرسة زيد الموشكي والتي قالت: «إن الطالبات بشكل عام أكثر انضباطاً والتزاماً بقواعد التحصيل العلمي وكذا إدارات مدارس الفتيات، كما أنهن شغوفات بالعلم والتميز أكثر من البنين. مؤكدة أن الطلاب يمتلكون من السمات والخصائص الإدراكية ماتمتلكه الطالبات إلا أنه لايوجد من يستثمر ذكاءهم ونبوغهم بالشكل السليم..وكذا غياب المتابعة الدائمة من قبل أولياء الأمور لإدارة المدرسة والتي تعد عاملاً مهماً لتصحيح وتعديل مسار الطالب والطالبة على السواء..وتشارك في ذات الطرح جميلة طربوش وكيلة مدرسة خولة بنت الأزور حيث أضافت إلى ماسبق عامل الاحباط الذي قد يؤثر على الطلاب أكثر مقارنة بالطالبات وكذا انشغالهم بطموحات وهموم حياتية تحول بينهم وبين الأداء العلمي السليم. تحدٍ للذات وبالنسبة لوجهة نظر الأكاديميين فيشير الدكتور عادل الشرجبي أستاذ علم الاجتماع إلى عاملين أساسيين يسهمان في تفوق الفتيات في التحصيل العلمي، الأول: ذاتي، والثاني: موضوعي، العامل الذاتي يتمثل في سعي الطالبات إلى اثبات ذواتهن في المجتمع ومحيطهن الأسري لاسيما وهن يعشن في مجتمع ذكوري يتمتع فيه الرجل بمزايا اجتماعية أكثر بعكس المرأة التي تقبع في مكانة اجتماعية أدنى من الرجل، لذا تسعى الفتاة لاثبات ذاتها عبر الانجاز والتفوق العلمي وذلك نابع من شعورها بأنها في تحد حقيقي لاثبات حضور حقيقي في المجتمع..وعن العامل الآخر يضيف أستاذ علم الاجتماع: يتمثل العامل الموضوعي في طبيعة الأدوار الاجتماعية للرجال والنساء، فالفتاة غالباً مكانها المنزل أما الشاب فأمامه فرص كثيرة لممارسة أنشطة متعددة خارج المنزل ..هذا الأمر يوفر للفتاة فرصة للبقاء في المنزل واستغلال وقتها في التحصيل والمراجعة وانجاز الواجبات فيما يقضي الشباب أوقات فراغ طويلة في الشارع وفي المشاركة بأنشطة غير الاستذكار بما يعني أن فرص استذكارهم تكون أقل من فرص الفتيات. الناحية النفسية ومن ناحية نفسية يوضح الدكتور عبدالله حرمل - نائب رئيس قسم الصحة النفسية بجامعة صنعاء أن موضوع تقدم الفتيات في المجال العلمي ليست له مسببات نفسية بقدر مايرتبط بتركيبة الأنثى حيث من المعروف علمياً أن الفتاة الأنثى أسرع نمواً من الذكر ولديها اندفاعية أكثر مقارنة بالفتى خلال مرحلة الثانوية.. وفيما يتعلق بالتحصيل العلمي بينما يندفع الطالب باهتماماته للمغامرات وتكوين الصداقات وغيرها من الاهتمامات البعيدة عن التحصيل العلمي منوهاً بأن استيعاب الفتاة في المرحلة ذاتها تكون أكبر بحكم أنها تصل لمرحلة البلوغ والنضج أسرع مقارنة بالطالب.