يعتبر البحث العلمي من أهم وظائف مؤسسات التعليم العالي،ويعتبر الاهتمام به من حيث تطوير مؤسساته ،وزيادة عدد الأوراق البحثية المنشورة في المؤتمرات العالمية،وزيادة الانفاق عليه من أهم المؤشرات على تقدم الدول أو تخلفها. واليمن إحدى الدول النامية التي تعمل حكومتها حالياً على تطوير مؤسسات البحث العلمي، ولقد جاء في الدستور اليمني في المادة «27» :"تكفل الدولة حرية البحث العلمي والانجازات الأدبية والفنية والثقافية المتفقة وروح وأهداف الدستور» ،كما جاء البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية «تشجيع مؤسسات مراكز البحث العلمي وحثها على الشراكة الاقليمية والدولية». فما واقع البحث العلمي في اليمن؟وما واقع البحث العلمي في بعض الدول المتقدمة والعربية؟وللإجابة على هذه الأسئلة نقول: إن معظم الدراسات الحديثة التي تعرضت لواقع البحث العلمي في اليمن أوضحت أن البحث العلمي في اليمن مازال يخطو خطواته الأولى،ومازالت عدد الأوراق البحثية المنشورة في المؤتمرات العلمية قليلة جداً ومازال الانفاق على البحث العلمي في اليمن ضعيفاً جداً كغيرها من الدول النامية والعربية على السواء. وإذا نظرنا إلى واقع البحث العلمي في الدول المتقدمة نجد أن البحث العلمي فيها يتطور تطوراً مستمراً وتعمل الحكومات في الدول المتقدمة على زيادة الانفاق عليه وزيادة تشجيع الباحثين على نشر أوراقهم وأبحاثهم في المؤتمرات الدولية ويمكن معرفة ذلك من خلال المقارنات التالية: 1 من حيث عدد الابحاث المنشورة في المؤتمرات العالمية: تشير الاحصائيات خلال السنوات الخمس الماضية ثم نشر ما يقرب من «305» مليون ورقة بحث علمية في العالم توزعت بين دول العالم كما يلي: أوروبا 37% الولايات المتحدة الأمريكية 31% آسيا 31% اسرائيل 10% العالم العربي 1% وتشير التقارير أن دولة اسرائيل نشرت حوالي «000.67» ألف ورقة علمية خلال الفترة 2000/2005 وأن الدول العربية مجتمعة نشرت لنفس الفترة ما يقرب من «000.10» ورقة بمعدل 200ورقة في السنة. 2 براءة الاختراع: بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية عام 2005 فإن عدد براءات الاختراع التي سجلت في العالم كانت كما يلي: الدول المتقدمة 200براءة اختراع لكل مليون نسمة. العالم العربي براءة اختراع واحدة لكل مليون نسمة. 3 عدد العاملين في مراكز البحث العلمي: بحسب تقرير الأمم المتحدة الآنف الذكر فإن عدد العاملين في مراكز البحث العلمي في الدول المتقدمة وصل إلى «000.20» باحث لكل مليون نسمة أما في الوطن العربي فإنه يتراوح بين 100800 باحث لكل مليون نسمة. 4 نسبة الانفاق على برامج البحث العلمي: تشير الدراسات إلى أن نسبة الانفاق على برامج البحث العلمي من الناتج القومي في دول العالم بلغ كما يلي: الولايات المتحدة +الاتحاد الاوروبي +اليابان بلغ حوالي 5&7% من اجمالي الانفاق العالمي بينما الصين أنفقت نسبة 1.1% والعالم العربي أقل من 03% وكوريا الجنوبية بنسبة 3% وماليزيا بنسبة 4% 5 تحويل البحث العلمي من القطاع الخاص: أكدت الدراسات أن أعلى نسبة للإنفاق على البحث العلمي من القطاع الخاص كانت في الدول التالية: اليابان 81% ،تليها السويد 9.62% الهند 16% ، هونج كونج 8.2% . بينما نجده في العالم العربي يكاد يكون أقل من 1% . مما سبق نستنتج مايلي: 1 إن عدد الأوراق البحثية المنشورة في العالم العربي الذي يصل عدد سكانه إلى حوالي 300مليون لاتتجاوز 1% من عدد الأوراق المنشورة في العالم بينما نجد أن اسرائيل والتي عدد سكانها أقل من 6ملايين نسمة تنشر أوراق بحثية علمية بنسبة 10%من الانتاج العالمي. 2 إن المصروف على البحث العلمي في العالم العربي إجمالاً لا يزال ضعيفاً جداً بالمقارنة مع المعدلات العالمية في الدول المتقدمة وهذا يعود لأن أنظمة الحكم العربية تنفق أكثر ما تنفقه على شراء الأسلحةوالمعدات العسكرية. 3 إن مشاركة القطاع الخاص في الانفاق على البحث العلمي في العالم العربي يكاد يكون صفر وذلك بسبب اهتمام القطاع الخاص العربي بالربح السريع فذهب كل الانفاق إلى التنافس على فتح قنوات فضائية هابطة تعمل على ضعف القيم وتدني الأخلاق في شباب العالم العربي. ولم نجد في العالم العربي قيام القطاع الخاص بالصرف على مراكز اليمن العلمي ولم نجد افتتاح جامعات خاصة تهتم بالعلماء والباحثين وتعمل على اكتشاف المبدعين وتدعم براءات الاختراع العربية. وخلاصة القول: إننا في العالم العربي بصورة عامة وفي اليمن بصورة خاصة بحاجة إلى الاهتمام بمراكز اليمن العلمي من حيث توفير الأموال اللازمة لها وتشجيع الباحثين وزيادة مشاركة الباحثين في المؤتمرات العالمية ونحن في اليمن على وجه الخصوص بحاجة إلى إعادة النظر في وضع الجامعات اليمنية ومراكز البحث العلمي فيها بزيادة المدرجات المالية المعتمدة للبحث العلمي وشحذ همم الباحثين في زيادة أبحاثهم والمشاركة في المؤتمرات الدولية وفتح مراكز علمية تهتم بالباحثين المبدعين ودعم براءة الاختراع ،ولابد من توعية القطاع الخاص وتوجيهه إلى المشاركة في الاتفاق والاستثمار في البحث العلمي.