حظيت الدراما اليمنية في السنتين الاخيرتين بمتابعة كبيرة، واهتمام غير مسبوق من قبل جمهور عريض من المشاهدين الذي ينم عن تطور ملحوظ في الفكرة والأداء، والتي رآها البعض ملبية لرغبات المجتمع باعتبار أن موضوعات المسلسلات مثل «كيني ميني»و«شاهد عيان» مثلاً تعالج مشكلات وظواهر اجتماعية وتعقيدات إدارية منتشرة على أكثر من صعيد ويصادفها الكثيرون، ويرغبون بالعمل على إيجاد الحلول المناسبة إزاءها وهذا طيب بكل تأكيد.. إلا أن ذلك الاقبال والزخم الجماهيري الذي عايشناه على مايبدو شهد انحساراً لافتاً هذا العام تجاه الدراما اليمنية حيث تعددت الآراء وتشعبت المواقف النقدية من قبل عدد كبير من المشاهدين وبغض النظر عن كون هذه الانتقادات وتلك الآراء صادرة من أصحاب اختصاص لهم باع وذراع في هذا المجال، إلاَّ أنها تعبر عن رؤية نماذج من الجمهور باعتباره المتلقي والمستهدف الأول والأخير من إنتاج هذه الأعمال الفنية، والذي يهمه بالتأكيد الارتقاء بالدراما اليمنية ورعايتها على الصعيدين الرسمي والشعبي. أقل إبداعاً «فنون الجمهورية» رصدت بعض هذه الانطباعات والتصورات لعدد من المواطنين بمحافظة ذمار ابتدأها الأخ/اسكندر محمد علي أنعم «موظف» والذي أبدى عدم رغبته في مشاهدة المسلسلات اليمنية لهذا العام، لأنها على حد قوله: أقل إبداعاً من مثيلاتها في العام الماضي التي استحوذت على اعجاب جمهور كبير صغاراً كانوا أو كباراً بعكس المسلسلا التي تعرض الآن والتي تمثل نكسة لمسار تطور أداء ودور الدراما المحلية ولذلك يقول اسكندر: «الآن عزفت تماماً عن مشاهدة حلقات هذه البرامج إضافة إلى كثير ممن أعرفهم ويضمنامجلس واحد أنا ومن يشاركوني هذا الانطباع ،لكننا نطالب في نفس الوقت باهتمام أكثر بالفن اليمني والمبدعين اليمنيين في شتىّ المجالات. خيبة أمل أمّا يحيى مسعد ونيس وهو تربوي بمديرية النادرة بمحافظة إب فيؤكد أنه هيأ نفسه تماماً لمتابعة المسلسلات المحلية والتي كان يتوقع أن تكون أكثر قيمة وفائدة من السنة الماضية، لكنه أصيب بخيبة أمل لأنها جاءت هزلية ومملة ولاتبحث عن الجودة الفنية. من وراء هذا الاخفاق وعند انتقالنا إلى الأخ/مختار علي هادي الكلالي «شرطي» أجاب بنبرة عالية: بصراحة ليست جيدة وكنا نظنها ستكون أفضل بكثير مما سبق وشاهدناه ولكن للأسف لم تصل إلى المستوى المأمول، ولاندري ماهو السبب، وأين يكمن الخلل هل العيب في الإخراج أم الممثلين أو في طريقة عرض الفكرة؟! وربما أن غياب الاهتمام الكافي بالجانب الفني رغم أهميته وعدم توفر الدعم المطلوب قد يكونا وراء هذا الإخفاق إلا أن ذلك لايدفعنا إلى اليأس أبداً ويجب أن يكون هناك عزيمة وإرادة للتطوير، كما انني اقترح أن لايقتصر انتاج الدراما على شهر رمضان وحسب فيكون بذلك مناسباتياً، لأن هذا التوجه له آثاره السلبية التي لاتخفى على أحد، ويجب الحرص على إنتاج المسلسلات طوال العام، كما يجب أن نهتم بالمسرح، لأن المسرح له الدور الأكبر في بناء الأمة وتربيتها الوطنية وحب الخير. ضحك على الذقون محمد حسين المثيالي «موظف في مكتب الصحة» بدوره لم يذهب بعيداً عمّا قصده الأخرون وأضاف: إن أفكاراً مثل فكرة الزواج المبكر وآثاره السلبية على مستقبل الأسرة واستقرارها والأخطاء الطبية القاتلة أفكار جيدة ويمكن أن تسهم في تقويم كثير من الاعوجاج الحاصل، ولكن طريقة العرض واختيار الممثلين كانت غير موفقة أبداً والتمثيل عبارة عن سخرية وضحك على الذقون وكأن القائمين على إنتاج مثل هذه الأعمال لايهدفون من ورائها إلا إلى حجز مكان في جدول برامج رمضان، بغض النظر عن الابداع وأنصحهم أن يعيدوا النظر ويدرسوا مواطن الخلل، ويتجاوزونها ويعملوا على معالجتها خاصة واليمن زاخرة بممثلين بارعين غير أن العناية بهم هو ماينقصهم. إعجاب وعتب في حين أن المدرس/ علي مسعد الوفيق لم يخف إعجابه الشديد بهذه المسلسلات لأنها كما يعتقد هادفه وتطرح قضايا كثيرة ونحاول وضع حلول لها لكنه في ذات الوقت يعتب على القائمين على الفضائية اليمنية عدم بث برنامج «فرسان الميدان» الذي أثبت نجاحاً ملحوظاً ويحظى بشعبية كبيرة. لاتحترم عقلية المشاهد الأخ/محمد علي العومري، مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة ذمار، وبحكم عمله الذي يجعله قريباً من هذه الأعمال الفنية، فقد أجابنا بكلمات مختصرة تعبر عن ضجرهُ ممَّا يبث حالياً على الفضائية حيث قال حرفياً: ولا بريال ،والنصوص عبارة عن مهزلة في مهزلة وسخرية في سخرية، ولاتحترم عقلية المشاهد مؤكداً أن الجمهور أصيب بخيبة أمل عارمة لم يكن يتوقعها أبداً. أما الضابط نبيل ثابت سند الظفاري فيعلق على الموضوع قائلاً: الإبداع موجود أنا مع كل عمل يمني ايجابي أنا مع أي منتج يمني، أنا مع أي تصنيع يمني وهذه الدراما يمنية والممثلون يمنيون وبدعم يمني ويجب علينا كمواطنين أن نشجع مثل هذه الأعمال والمسلسلات، ولا ننكر أن هناك جانب إبداع فيها رغم بعض القصور لكن وكما يقولون «صنعاء ماعمروهاش بيوم» ولاننسى أننا في هذا المضمار مازلنا في طور البداية والأستفادة من تجارب الآخرين، وشيئاً فشيئاً سوف نصل إلى مانصبوا إليه، وأنا متأكد بأنه لو وجد الدعم والمساندة والتشجيع فإننا سننافس الدراما المصرية وحتى السورية لأن أحداً لايستطيع أن ينكر أن لدينا قدرات وكفاءات في هذا المجال لايقلون إبداعاً عن أقرانهم في تلك الدول الشقيقة..إنتهى!! ظاهرة صحية وأنا بدوري أؤكد أن كثرة الانتقادات على تعدد ألوانها وإتساع رقعتها لاتعني بالضرورة السخرية والتحامل التي قد يظنها البعض، بل إن هذه الانتقادات في تصوري ظاهرة صحية تدل على أن هناك عملاً قائماً أهتم الناس به، ولفت الأنظار إليه وفي اعتقادي أن هذا الحراك والتأثر لايهدف إلى إحراق الدراما اليمنية، بل يسعى إلى إنضاج الإبداع اليمني وهو الأمر الذي ينتظر السواد الأعظم من المشاهدين بشغف بالغ وفي أقرب فرصة!!