وبما أن القيادة هي هذه المكونات الثلاثة فإن مجالها هو المعرفة المنظمة أي المعرفة التي تخضع للتعليم والتعلم. ومن هنا ينشأ مفهوم التربية المرورية وهو مفهوم شامل لايسع المدرسة وحدها القيام به إذ لابد أن تتولاه أيضاً إلى جانب المؤسسات التعليمية الأسرة وأجهزة الاعلام وكافة مؤسسات التوعية والتثقيف والارشاد. يعني مفهوم التربية المرورية مجموعة من المعارف والمعلومات والإرشادات التي يمكن تزويد المتعلمين بها بهدف الوصول إلى أفضل مستوى من السلامة عند التعامل مع حركة المرور والطرق. ومفهوم التربية المرورية مفهوم حديث وقد برزت الضرورة لهذه التربية في إثر تنامي مخاطر حركة المرور وتعقيداتها المتنوعة. ومفهوم التربية المرورية أوسع من مفهوم التوعية المرورية حيث يشير مفهوم التوعية إلى الإرشادات العامة والسريعة التي يمكن تزويد السائقين بها مع تزويد المشاة بها أيضاً في أفضل الأحوال. بينما يقوم مفهوم التربية المرورية على مبادئ أوسع وأشمل ولهذا فإن التربية المرورية تتميز الصفات التالية: إنها تربية مستمرة تبدأ من مرحلة ماقبل المدرسة وتستمر حتى نهاية مراحل التعليم ومابعده. إنها تربية كلية بمعنى إنها موجهة للجميع كبارا وصغارا سائقين وركاب مشاة أم واقفين أو حتى ظلوا باقين في منازلهم. إنها تربية شاملة، أي متعددة الموضوعات فهي لاتهتم فقط بتعليم قيادة السيارة وإرشادات المرور وطرق عبور الطريق، إنما تسعى لتزويد الدارسين بمعارف مكيانيكية واليكترونية واقتصادية ونفسية في مجال النقل والمواصلات والبيئة والصحة. لايوجد في منظومة المناهج التعليمية في الجمهورية اليمنية مايمكن تسميته بعلم أو منهج التربية المرورية ولكن توجد هناك دروس خاصة في مختلف مناهج اللغات والجغرافيا والعلوم يمكن أن تندرج تحت هذا المفهوم وهنا يمكننا أن نفترض من خلال بعض الملاحظات الأولية حول هذه الدروس الآتي: إنها دروس عفوية أو جدتها الصدفة وليست نتاجاً لتطورات تربوية متعددة. إن الهدف منها قد لايكون السلامة المرورية ذاتها بقدر مايكون الهدف مثلاً هو تعلم القراءة أو اللغة الأجنبية. إنها قليلة بالمقارنة مع الموضوعات الأخرى فبعض كتب المنهج تحتوي على نسبة صفر منها والبعض الآخر لاتزيد فيه نسبة دروس التربية المرورية عن 5% فقط وهي أعلى نسبة يمكن أن نجدها في منهج من مناهج الدراسة في المرحلتين الأساسية والثانوية. لانستطيع أن نحدد هنا عدد الأشخاص القادرين على قيادة السيارات في اليمن كما لايمكننا أن نقارنهم بمايحدث في الدول الأخرى نسبة لغياب الدراسات في هذا المجال ولكن يبدو من الوهلة الأولى أن قيادة السيارة بالنسبة لكثير من العائلات اليمنية تعتبر جزءاً من التربية الأسرية للأولاد حيث أن الثقافة السائدة تشجع الآباء على القيام بهذا «الواجب» تجاه أبنائهم. وهو اتجاه لا غبار عليه من حيث إكساب الأولاد بعض المهارات..ولكنه لايخلو من مخاطر جمة. كان الخليفة عمر رضي الله عنه يقول:« علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل» وذلك زمن قد ولى وحلت السيارة محل الخيل، والخيول لاتتصادم حتى في الحروب أما السيارة فحدث ولاحرج. المعالجات المقترحة والحلول كثيرة لعل أهمها هي التربية المرورية، تلك التربية التي نعرف بها كيف نصون أنفسنا وسياراتنا ولتحقيق التربية المرورية يتطلب النظر في التالي: أولاً: يجب أن تسعى وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع إدارات المرور بالنظر في إمكانية توفير منهج مدرسي للتربية المرورية ليدرس كمادة من مواد الدراسة كمنهج مستقل ولو على شكل منهج اختياري. ثانياً: اذا لم يكن بالإمكان إدخال هذا المنهج في الوقت الحاضر فإن على لجان المناهج بوزارة التربية أن تقوم بمراجعة عامة لمناهج العلوم والمواد المتنوعة وتطوير الدروس الخاصة فيها بموضوعات التربية المرورية. ثالثاً: إن اقامة الفعاليات حول المرور هي جزء من عملية التربية المرورية ومع تقديرنا للجهود الطيبة التي تقوم بها الإدارة العامة للمرور وفروعها في المحافظات في هذا المجال مثل أسبوع المرور العربي والفعاليات التوعوية الأخرى فإن موضوع المرور ينبغي أن يحظى أيضاً بالاهتمام من قبل المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وعلى رأسها الدارس والمعاهد والجامعات وغيرها. - بكلية التربية جامعة ذمار