ان المتأمل في المشهد الثقافي في عالمنا العربي والإسلامي لايكاد يملك نفسه من فرط الحسرة التي تنتابه لما آلت إليه منظومة الثقافة العربية والإسلامية على أيدي دعاة التغريب والحداثة والعولمة الذين حولوا الثقافة والأدب إلى هجوم وإرهاب فكري يهاجم الإسلام والعرب والمسلمين وحولوا الفكر والفن إلى صرخات تشنجية بل مارسوا اسلوب الإرهاب الفكري. فكثير من رواد الفكر الواهمين في بلادنا المغلوبة على أمرها صنعوا من فكرهم بوقا يردد من غير وعي مبادئ المذاهب الفكرية الغربية الوافدة بل ويروج لها ويحاكيها في مؤلفاته وآرائه وأحياناً كثيرة يقوم بعض هؤلاء الموتورين الواهمين بسرقة الأفكار التغريبية باسم الحداثة والعولمة وهلوستها المدمرة وتقديمها في صورة مشوهة ممسوخة كماهي الحال في المؤلفات التي يتحدث أصحابها عن البنيوية والتفكيك والألسنية وغيرها من مفردات الحداثة ومن ثم أصبح الأدب لوناً من ألوان المطاردة العنيفة لكل ماهو جاد وأصيل. ومن هنا وجد المخلصون أنفسهم محصورين في زوايا ضيقة ومرغمين أحياناً على الصمت والاستسلام وبسبب طوفان المذاهب الأدبية الغربية غدا الأدب أحد أدوات الغزو الفكري الموظف رسمياً في خدمة المبادئ الهدامة ويمكن القول إن مايعانيه العرب والمسلمون من الأدب والفن والثقافة أشد وأعمق وأرهب الأسلحة التخريبية،فما تشهده أمتنا اليوم انسلاخ حضاري وعدوان تدميري من دعاة الأدب الرفيع،أدب سخيف وفن مدمر للأخلاق والتعمد وتهميش مقصود متعمد لهويتنا القومية العربية والإسلامية وقد نجح الغرب بامتياز في صناعة عمالة ثقافية تخدم أطماعه وتحقق أهدافه على حين فشل في تحقيق ذلك عن طريق الحروب والمواجهات العسكرية عبر مئات السنين والمشاريع والرؤى من الشرق الأوسط الكبير إلى الجديد أو الفوضى البناءة أو الخلاقة. وذلك بفضل الطابور الخامس الذين صار ولاؤهم للغرب أكثر من ولائهم لأوطانهم ومجتمعاتهم التي لم تألوا جهداً في تعليمهم أملاً في الإصلاح والنهضة وكلمتنا هنا ما هي إلاّ دعوة إلى الأدباء كافة والمفكرين والمثقفين والفنانين الشرفاء فعليهم تضميد جراح الوطن العربي الذي تعرض كثيراً لرياح التغريب والعلمنة وسهام الحداثة الطائشة الأمر جد خطير ومايتعرض له وطننا العربي والإسلامي تحديات فكرية وثقافية واقتصادية للنيل من منظومة أدبنا العربي الرافض لكل أنواع الإرهاب الفكري والثقافي والتيار الفكري الغربي بزخاته الحداثية المدمرة فما نشهده وتشهده الساحة الفكرية والثقافية في الوطن العربي من زحف سريع ومتواصل للتيار العلماني التغريبي وعرقلة لمسيرة الأمة والزج بها في مجاهل ونفايات المذاهب الفكرية والأدبية الزاحفة وعلينا جميعاً التصدي لتلك الجاهلية المعاصرة بكل مذاهبها وأجناسها وأدواتها ومذاهبها الفلسفية والأدبية الكاذبة التي تتنافى وسمو الإسلام ورسالته العظيمة ومُثل حضارتنا العربية وذلك دفاعاً عن هوية الأمة الثقافية من مخاطر الحداثة والعبثية والاستلاب الحضاري والاجتياح الثقافي والغزو والإرهاب الفكري.