نشأت الحضارة اليمنية وازدهرت بالاستخدام الأمثل لمصادر المياه والتفنن في طرق استغلال مياه الأمطار لاستصلاح الأراضي الزراعية في الأودية والقيعان والمرتفعات الجبلية وحيثما توجد زراعة ومراعي تنمو الثروة الحيوانية وهي مصدر هام من مصادر الغذاء وخاصة البروتين الحيواني.. والزراعة اليوم بشقيها النباتي والحيواني تقوم على العلم والتكنولوجيا إدارة ووسائل إنتاجية وصناعة غذائية .. ويشير الخبراء على المستوى العالمي إلى مخاوف من تناقص الإنتاج الزراعي واحتمالات زيادة تكلفة الانتاج بتأثير زيادة أسعار الطاقة المعتمدة على النفط واتجاه بلدان متقدمة إلى إنتاج الطاقة الحيوية من المنتجات الزراعية أي الحبوب كما لم يعد هناك مجال للاختلاف حول مشكلة الانفجار السكاني وتزايده المستمر على حساب الموارد الزراعية وما يرتبط بها من صعوبات على مستوى الدول التي تعاني شحة في مصادر المياه والقدرة على إيجاد وتوظيف العلوم والتكنولوجيا ، ما يجعل الأمن الغذائي قضية محورية بين قضايا التنمية الاقتصادية في المجتمعات النامية ومنها اليمن كبلد غني بتراثه الزراعي وفرص النماء في هذا المجال بإحياء الأرض وتنمية مصادر المياه للري واستخدام المخزون الجوفي الاستخدام الأمثل وتعميم شبكة الري الحديثة والتوسع في إنشاء الخزانات لحصاد الأمطار في المناطق الجبلية وسفوح المرتفعات، وتنمية الزراعة المطرية إلى جانب الزراعة الحديثة في الوديان والقيعان. تأمين احتياجات المزارعين مزارعون يؤكدون أن تنمية الثروة الحيوانية مصدر أمان للأسر الريفية للحصول على الغذاء من الألبان ومشتقاتها ومن اللحوم وإعادة الاعتبار للثقافة التقليدية في الانتفاع بجلود الحيوانات في صناعة الأغراض المحلية ومخلفاتها كسماد للأرض نظراً لما أدى إليه الاعتماد على المنتجات المستوردة وإهمال تربية الماشية من ضغوط على ميزانية الأسرة زادتها مشكلة ارتفاع الأسعار تفاقماً ويرى هؤلاء أن الرغبة في إحداث التطور المنشود والدعم الحكومي المتاح والمأمول لا يكفي فأولاً وأخيراً الحُب للأرض والماشية هو ما يعطي النتائج المرجوة فالحب يعني بذل الجهد في تربية الماشية والانخراط في العمل التعاوني وإتقان سبل الوقاية من أمراض الحيوانات واستغلال فرص زيادة عددها لتنمية دخل المزارع ومواجهة ضغوط الأزمات في المناسبات ومواسم الجفاف إلى جانب الاستفادة من الوسائل العلمية لتسمين العجول والإسهام في تلبية حاجة السوق المحلية وتفاعل الجمعيات التعاونية لتحقيق أهدافها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. خبرات تقليدية ويرى أكاديميون أن المزارعين والمجتمع بشكل عام بات يدرك أهمية تنمية الثروة الحيوانية في إطار تطوير الانتاج الزراعي ككل باعتبار الثروة الحيوانية تنمو مع زيادة الانتاج الزراعي واستغلال الزراعة الهامشية كمراعي للماشية والتمسك بالخبرات التقليدية لسكان الريف في هذا الشأن إذ يرى د/عارف عقلان الحمادي (جامعة صنعاء) أن كثيراً من جوانب التطور في حياة المجتمع الريفي ليست ايجابية وقد انعكست سلباً على حياة السكان وعلاقتهم بالأرض والحيوانات وأدى الزحف على المدن إلى زيادة الطلب على الخدمات وضغوط على البنية التحتية وهجر الزراعة ما يعني «تمدن مزيف» ولابد من شراكة حقيقية وواسعة تخدم غاية التنمية الريفية والحفاظ على الهوية الزراعية لريفنا اليمني وإدراك قيمة تربية الماشية في حياة السكان وغذائهم ودخولهم ومستقبل الزراعة مادامت جهود السكان واعية في الحفاظ على البيئة المتوازنة وتوقعات الخبراء في مجال المناخ تؤكد أن اليمن سيدخل خلال السنوات القليلة القادمة مرحلة مناخية تتسم بغزارة الأمطار ويعرف حينها الإنسان قيمة كل شبر من الأرض الزراعية والمراعي. تنشيط العمل التعاوني لكن التعاونيين يرون أن تنمية الثروة الحيوانية والتركيز على صغار المزارعين وتحسين مستوى حياتهم المعيشية تبدأ بتنشيط الجمعيات التعاونية كضرورة للارتقاء بوعي المزارعين ومساعدتهم على التوجه بقوة في تربية العجول والأغنام والنحل وحتى الدواجن وإقامة المشاريع الصغيرة في مجال صناعة الأجبان والألبان وتأمين الأعلاف لارتفاع أسعار الأعلاف وتكلفة نقلها وشحة مصادر المياه والمراعي في المرتفعات. تفاعل المواطنين الأخ/ عبدالله محمد ثابت رئيس جمعية وادي السِّحي التعاونية يؤكد أن المزارع في الريف يريد تحقيق نجاح في تربية الماشية والنحل ويتفاءل بالدعم الذي تقدمه الدولة وتلك طبيعة الإنسان في بحثه عن النجاح والجمعيات تقدم له الرؤية الواضحة والخدمات وتنظمه لتحقيق أهداف اقتصادية اجتماعية ويأتي النجاح على قدر تفاعل أفراد المنطقة ومجالسها المحلية وشخصياتها الاجتماعية مع أهداف العمل التعاوني إلى جانب القدرة على إعداد الدراسات من خلال التدريب والتأهيل. نجاحات محققة وأضاف الأخ عبدالله أن إشاعة الوعي بالنجاحات المحققة مسألة مهمة لتنمية الدافع لدى الناس ففي محافظة تعز نجحت جمعيات مثل جمعية بني سنان في تربية وتسمين العجول والأغنام والأهم أن نجد الجمعيات ما يساعدها على تنشيط عملها في هذا الجانب وتدعيم خططها والتي هي الآن ضمن خطة الاتحاد التعاوني الزراعي وتركز على تنمية السلالات المحلية من الماشية والحفاظ على إناثها وعدم ذبح صغارها وهو ما يعني توعية للمزارع أولاً بهذا الأمر وتوفير البذور لتمكينه من تربيتها بدلاً من بيعها صغيرة تحت مبرر غلاء الأعلاف وبذلك تعالج مشكلة دائمة هي مشكلة هدر ثروتنا الحيوانية وهذه قضايا ينهض بها التعاون والشراكة بين القطاعات المختلفة الجمعيات ، الارشاد الزراعي والمزارع نفسه ونعول على مشروع الزراعة المطرية الذي يتوقع ان ينفذ مشاريع بعدد خمسين خزاناً لحصاد الأمطار في منطقة الجمعية وتكلفة المشاريع 200 مليون ريال حتى لاتذهب المياه سدى وهذا يطور الزراعة ويدعم تنمية الثروة الحيوانية في مناطق الزراعة المطرية ونأمل أيضاً نجاح دور صندوق الرعاية الاجتماعية ، في إقراض الأسر الفقيرة لتربية الأغنام والنحل لفئة الضمان الاجتماعي. خدمات بيطرية واستطرد قائلاً : زيادة الثروة الحيوانية والحفاظ على ماهو قائم في بعض المناطق يتطلب دوراً فاعلاً وتركيزاً للنشاط البيطري والإرشاد الزراعي فهناك أمراض طفيلية تقتل الماشية ولابد من مراكز بيطرية قريبة من المزارعين وأدوية فحصول الجمعية على علاجات وتفعيل اهتمام الناس من أهدافنا كجمعيات لكنه لا يكفي وفي منطقتنا أحضرنا البيطري فور حصولنا على علاجات ضد ديدان الحيوانات إلا أن الحاجة إلى مركز دائمة في أي منطقة ريفية لزيادة الثروة الحيوانية. مزارعون يرون من جهتهم أن المجالس المحلية قادرة إذا أرادت العمل على تغيير وعي المزارعين والأخذ بيدهم والقيام بمبادرات تحقق جانباً من الطموح في التنمية الزراعية النباتية والحيوانية ويرون أن المحليات في بعض مناطق تعز تعتمد كشوفات من سنوات طويلة على نشوئها تتعلق الزكات على الماشية وتطالب أناساً يرفعها مع أنهم لا يملكون الآن رأساً واحداً من الأغنام أو البقر !! الأمر الذي يظهر مدى ضعف العمل التعاوني واحجام المواطن عن إيصال صوته إلى أبعد مدى. نتائج ايجابية جميل الحاج باحث بقضايا الريف يقول : - تأثر الإنتاج الزراعي والحيواني في المناطق الجبلية سلباً بكثير من العوامل منها زراعة القات وشحة مصادر المياه وإرهاق التربة الزراعية وهناك احساس وإقبال على إحياء الأرض وتربية الأبقار والأغنام والنحل بقروض ميسرة أخذت تؤتي نتائج في أوساط الأسر الفقيرة بتأثير موجة الغلاء التي زادت بعض الناس افقاراً مادياً وتنشيط لوعيهم بأهمية العودة إلى تربية الماشية والنحل وإغراء آخرين بمثل هذه المشاريع بتأثير الحاجة .. فالحاجة أم الاختراع. مشروع فتح الرحمن في مديرية الوازعية وموزع يشكل نموذجاً لدور الجمعيات في تنمية الثروة الحيوانية بدعم من الجانب الفرنسي الذي أقام مكونات المشروع من هناجر وبئر ماء ومضخة ووفر الأغنام والاعلاف ووسيلة نقل ب 32 مليوناً كلفة المشروع ويقوم على استفادة اعضاء الجمعية المشرفة من مواليد الماشية وخدمات الجمعية كأسلوب ناجح للتربية ومكافحة الفقر وأساس النجاح هو دراسة الجدوى الأمر الذي يعتبره المعنيون قابلاً للتعميم وأقرب في نجاح الدعم الى قروض صندوق التشجيع الزراعي والسمكي للمزارعين عبر الجمعيات بمدهم بالأبقار بعيداً عن التعقيدات. مشاريع متعثرة وهناك نماذج لم تقم على دراسات جدوى متكاملة حيث يشير ملف مشروع جبل حبشي لتربية الأغنام الممول من الصندوق الاجتماعي للتنمية الى عجز واضح في إدارة المشروع وتعثره وإعاقة نشاط جمعية الشارق التعاونية المشرفة وذات المناشط الملموسة منذ تأسيسها إذ هدف المشروع المتعثر إلى زيادة دخل 200 أسرة على مرحلتين «دورتين» لقروض التسمين السريع «ثلاثة أشهر» !! ويقوم المشروع ببيع الأغنام التي في حوزة المقترض (عيناً) عبر متعهد وتوزع الأرباح بنسبة %25 للمشروع و75% للمستفيد إلا أن المشروع فشل وما يزال في القضاء ومعظم رصيده مجمد في البنك ويعزو بعض المستفيدين الفشل إلى فشل إدارة المشروع وتوضح وثائق القضية إلى قصور آليات التنفيذ ومنها عدم توفير ادارة تواصل فعالة مع المقترضين وكذا عدم توفر الخدمة البيطرية وقد تراكمت المراسلات بين الجهات المعنية بتنفيذ المشروع عبر مدة تمتد إلى 8 سنوات فالأغنام نفقت لدى البعض وامتدت دورة القرض والتسمين لدى البعض الآخر من 310 شهور وأثبتت لجنة من المجلس المحلي لمحافظة تعز وجودأخطاء من أطراف المشروع الذي لم ينفق من رأسماله ال25 مليون ريال سوى أقل من الربع. حلول مرجوة بقدر تشاؤم مستفيدين من المشروع يأمل رئيس جمعية الشارق التعاونية أن تجد القضية حلاً في الأجل القصير بتدخل رئيس الصندوق الاجتماعي ويضيف لا نريد الحديث عبر وسائل الإعلام عن القضية ولابد من حل حتى لا يحبط الناس مما وصل إليه المشروع وبمعالجة الصعوبات يمكن الاستفادة من الدعم الحكومي لتنمية الثروة الحيوانية والزراعية بشكل عام فجمعيتنا كانت من أنجح الجمعيات وأصولها وتعدد نشاطها أمر نفخر به وأمامنا مشاريع ودراسات بانتظار زوال الصعوبات الماثلة الآن والتي ستجد في خطط التنمية الزراعية معالجات وستدفع في اتجاه الثروة الحيوانية.