الطاقة الذرية من المعروف أن جاذبية الأرض تؤثر في نمو وهيئة وتصرفات المخلوقات بما فيها الأنسان. فحين يولد الإنسان يتمتع بمعدل نمو سريع في العظام والعضلات وكافة الأنسجة. وحين يبدأ بتعلم المشي تحاول الجاذبية لعب دورها )في شده للأسفل) فتراه يقوم ويسقط لعدة أشهر ولكن قوة الشد هذه بالذات تضع العضلات في موقف تحد حقيقي فتنمو بنسبة أعظم حتى تتغلب (على قوى الجاذبية) فننتصب على قدمينا. ويظل الوضع متساوياً (بين الجاذبية التي تشدنا إلى الأسفل، والعضلات التي ترفعنا للأعلى) حتى يدخل سن الشيخوخة والعجز. فحين يكبر الإنسان بالسن تضعف عضلاته وتتآكل عظامه لدرجة ظهور أثر الجاذبية عليه . فكلما كبرالانسان في السن يقل معدل تعويض الخلايا المفقودة في الجسم فتتقلص العضلات والعظام ويصيبها الضعف والهوان. وحين يحدث ذلك تعجز العضلات عن إسناد العمود الفقري فينحني الظهر ويصبح الجسم ثقيلاً (لدرجة عجز المسن عن القيام أو المشي بلا عكاز). كما تتقلص العظام وتتقارب فقرات الظهر لدرجة ينكمش الجسم فعلا ويقصر طول المسن بعدة سنتمترات ولو انتقلنا الى عالم النباتات لوجدناها تتصرف بناء على إحساسها بالجاذبية فترسل جذورها نحو الأسفل حيث الماء والغذاء وأوراقها نحو الأعلى حيث الهواء وضوء الشمس. اما حين تصعد للفضاء حيث تنعدم الجاذبية فتنمو جذورها وأغصانها بطريقة حلزونية دائرية وكأنها تبحث عن معنى جديد للاتجاهات. ولو انتقلنا الى عالم الحشرات والطيور فالذباب مثل كل الحشرات والطيور يملك أجنحة تساعده على مقاومة جاذبية الأرض ورفع وزنه في الهواء . ولكن حين يعيش لفترة طويلة في بيئة منعدمة الجاذبية لا يبذل فيها مجهوداً للطيران تبدأ أجنحته بالانحسار وتبدأ عضلاته بالضعف والاختفاء. العجيب أكثر أن ذباب الفاكهة حين يتوالد في الفضاء الخارجي لعدة أجيال ينتهي بجيل تختفي فيه الأجنحة تماما أو تنحسر بنسبة كبيرة. فقد اقترحت الطالبة (جودي مايلز) على وكالة ناسا إرسال عنكبوت للفضاء لمعرفة كيف تغزل شباكها في بيئة منعدمة الجاذبية. وعلى الفور أعجبت ناسا بفكرة الطالبة وأرسلت "جوز إناث" الى المحطة الفضائية سكاي لاب .3. فالعنكبوت مثلا تصنع شبكتها اعتمادا على إحساسها بقوى الجذب للأسفل وتفرز خيوطها بسماكة تساوي الغرض منها. ولكن حين صعدت للفضاء الخارجي حيث تنعدم الجاذبية ويخف الشعور بالوزن ولم تعد تشعر بالأعلى والأسفل تاهت "المسكينة" لأول مرة في حياتها ونسجت شبكة مشوشة ومرتبكة لا تؤدي الغرض منها على الأرض. واما بالنسبه للسوائل على الأرض فان السوائل تسقط دائما للأسفل وتتخذ شكل الإناء الموجودة فيه في حين يبقى سطحها دائما في حالة استواء وتسطح.أما في الفضاء الخارجي فيرفض الماء النزول للأسفل كما يحدث حين تغتسل تحت الدش ويظل طافيا في الفراغ. وبسبب انعدام الجاذبية يتخذ الماء في الفضاء الخارجي شكلا كرويا متناسقا ويبقى معلقا ككرات التنس حتى تشفطها بفمك أو تقطفها بيدك لغسل جسدك. هذه كلها مجرد نماذج لكيفية تأثير الجاذبية على مظاهر الحياة على الأرض وصياغتها بالشكل الذي يتواءم معها .واليوم يملك العلماء قائمة طويلة بتجارب ودراسات أجريت وستجرى في الفضاء. باختصار شديد انظر لأي مظهر حياتي حولك وثق بأنه سيتصرف في الفضاء بطريقة غريبة ومختلفة عما عهدته على الأرض.E-mail: [email protected]