يا راكبَ الخيلِ إن الخيلَ قد جمحا وشاربَ الكأسِ إن الكأسَ قد طفحا ومُمْسِكاً بالعصا من نصفها عبثاً أتعبتَ نفسَكَ يا هذا ومن نصحا ما كنتُ أحسب أن الوِرْدَ منقلبٌ دماً يسيل على الطرقات منسفحا حتى تمادت يدُ الساقي بفاجعةٍ ليت الفواجعَ ما صارت لنا شبحا كنّا نُؤمّل في هذا الدجى قبساً فصادف الحظَّ أن الحظَّ قد جُرِحا وأن تلك التي تُدعى خُوَيْدمةً تريد للفجر إغلاقاً وما فُتِحا وأنّ نَعلي هنا قد عرقلتْ سفري ماذا أُسمّي هنا خيلي إذا جمحا إني سمعتُ جنونَ الخيلِ قائلةً من قدّمَ النفسَ لا يخشى متى ذُبِحا قالوا: دعِ العشقَ إن العشقَ مَفْسدةٌ ويلاه أمري بغير العشقِ ما صلحا من أين للبرق أن يُلغي هويّتَهُ ما دام يحمل في أحشائه الفرحا ؟ من أين للبحر أن ينسى مواجعَهُ وفيه ما فيه من خيرٍ لمن سبحا ؟ ما دام ليلٌ وأشباح هنا ودُمىً فكيف تُحصى هنا أنفاسُ من صدحا ؟ من يسكنِ الدارَ غيرُ الأهلِ يا وطني ؟ وحارسُ الدارِ ذا استرخى وذا نبحا والشعبُ هل مات بل زادت مخاوفُهُ هل غادر الأرضَ قالوا رُبّما نزحا أعطى الكؤوسَ، وما جفّتْ مواردُهُ، خفيفَ ظلٍّ إذا ما حلّ أو سرحا ما ضاق بالمُرِّ أو أبدى تململَهُ ما غضّ طَرْفاً عن الأُخدود أو صفحا إنا شربنا هواه العذبَ داليةً فكان أكرمَ من أعطى ومن منحا يُقاوم الظلمَ لا يخشى مصادرَهُ وكيف يقوى ضعيفُ الناسِ إن نُطِحا وكيف تُحمَى نعاجُ الحيِّ إن سُلِختْ لحومُها اليومَ من ذئبٍ وقد سنحا ؟ فهل نردّ إليه اليومَ مكرمةً ونُحسن الكيلَ إنّ الكيلَ ما طفحا ؟ أم أن حجمَ العِدا يُلغي فضائلَهُ والفضلُ يبقى لمن بالمال قد شطحا هذا الزمانُ زمانٌ لا مكانَ بهِ للحسن، فالحُسْنُ في أيامنا قَبُحا والقولُ ما لم يكن بالفعل ملتصقٌ فلا أُقيم له وزناً وإن رجحا يا راكبَ الخيلِ إن الخيلَ جامحةٌ جموحُها اليومَ هل أبقى لنا فرحا؟ أحسُّ جرحاً جديداً فوق خاصرتي غداً ستبتر خيلي كفَّ من جَرحا ونزرع الشمسَ في واحاتنا قُبَلاً تنساب كالنهر دَفّاقاً ومُكتسِحا