أكد الباحث الدكتور محمد العروسي أن قبائل البربر في بلاد المغرب العربى من أصول يمنية أسهمت في الفتوحات ونشر الدين الإسلامى والعلم والثقافة، بجانب إسهامها الفاعل في البناء والتنمية وتطوير البلدان والمناطق التي استقرت فيها.. {.. قال الدكتور العروسي، أستاذ العمارة والآثار الإسلامية والسياحة بجامعة صنعاء في محاضرة له بمقر الجمعية الفلسفية اليمنية، بعنوان “اليمنيون في بلاد المغرب العربي” إن هجرات القبائل اليمنية أثبتت عبر مراحل التاريخ المختلفة مقدرة اليمني الفائقة على الاندماج والتعايش والانسجام مع كل المجتمعات والثقافات والأمم والشعوب في كل العصور.. وأضاف: “إن الكثير من القبائل والأسر التي يعود أصلها إلى اليمن في بلاد المغرب العربى بعضها هاجر قبل الإسلام والبعض الآخر في العصر الإسلامي، ومنها قبائل البربر التي تنتشر في البوادي والحواضر، ومازال يمارس أبناؤها حياتهم الاجتماعية والاقتصادية على نحو يشبه كثيراً حياة القبائل اليمنية.. وبرغم مرور مئات السنين على هجرات اليمنيين واستقرارهم في تلك البلدان، لم يستطع الزمن محو وطمس هويتهم اليمنية ومساهماتهم الرائدة في بناء وتعمير وتطوير تلك البلاد.. كما أن لهم بصمات جميلة وإبداعية تظهر بوضوح على المباني والمنشآت التاريخية التي شيدوها أو شاركوا في بنائها كالمساجد والمدن والقصور والحصون والقلاع والمنشآت التجارية والسكنية والخدمية، كما تظهر في الفنون والآداب واللغة وفي العادات والتقاليد”.. ولفت الباحث إلى أن هناك معلومات وروايات وتحليلات ونتائج دراسات سطحية متواضعة لبعض الباحثين العرب والمسلمين والأوروبيين أثبتت يمنية قبائل البربر التي يعتز ويفخر الكثير من أبنائها حتى اليوم بانتسابهم إلى اليمن ووجود تشابه لغوي بين أكثر من مائة كلمة في لغة البربر لا تستخدم إلا في اليمن والجزيرة العربية وتشابه بين الأغاني والموسيقى الشعبية فى بعض مناطق اليمن والبربر.. ودعا إلى أن تكون تلك البحوث المتواضعة حافزاً لإنجاز دراسات علمية متعمقة في هجرات اليمنيين، وفي مقدمة ذلك هجرة اليمنيين إلى بلاد المغرب العربي، مشيراً إلى أهمية تواصل الباحثين اليمنيين مع قبائل البربر للإطلاع على ما لديهم من وثائق ومصادر ومراجع وكل ما يكتب عنهم في تلك البلدان قديماً وحديثاً. وشدد الدكتور العروسي على أهمية إقامة جسر تواصل دائم بين اليمنيين وأشقائهم في بلدان المغرب العربي بشكل عام وأبناء البربر بشكل خاص. واعتبر أن هذا التواصل “أصبح فى وقتنا الحاضر أمراً هاماً وضرورة ملحة تساعد في إعادة كتابة تاريخ اليمن بكامل حلقاته وتاريخ اليمانيين في كل مكان، وإبراز أدوارهم ومساهماتهم العظيمة في صنع التاريخ والحضارات الإنسانية عبر العصور”. وقال: “اليمنيون شاركوا في الدفاع عن تلك البلدان وحماية أراضيها، وقد برز منهم أمراء أسسوا دولاً في كل من المغرب العربي وبلاد الأندلس مثل دولة المرابطين التي أسسها محمد بن نصر الخزرجي، ومن الولاة اليمنيين معاوية بن حديج الكندي أول ولاة الدولة الإسلامية على أفريقية بعد فصلها عن ولاية مصر سنة 45 للهجرة”. وذكر د. العروسي عدداً من القادة اليمنيين الفاتحين الأوائل منهم السمح بن مالك الخولاني رابع ولاة الدولة الإسلامية على بلاد الأندلس في بداية القرن الثاني الهجري - الثامن الميلادي، وقائد أول حملة فتحت مدن ومناطق جنوب فرنسا. وقال: “إن التاريخ لن ينسى القائد اليمني المسلم عبدالرحمن الغافقي وانتصاراته العظيمة، حيث فتحت على يديه كبريات المدن الفرنسية أرل وتولوز وغيرها حتى بلغ مدينة بواتييه التي اجتمعت لقتاله فيها كل أوروبا وسقط شهيداً سنة 114ه/732م، في معركة بلاط الشهداء”.وأثار رئيس الجمعية الفلسفية اليمنية الدكتور حسن الكحلاني في تعقيبه على المحاضرة موضوع البربر والأبعاد السياسية المعاصرة. وقال: “إن القوى الكبرى المهيمنة على السياسة الدولية قامت بتنمية الكيانات والهويات الصغيرة داخل الدول الموحدة “كالأمة العربية” سعياً إلى تفكيك الهوية العربية، عبر الإدعاء بعدم عروبة البربر. وأضاف قائلاً: “بينما نجد دولاً كبرى مثل أميركا تتكون من تعدد ديني وعرقي ومع ذلك فهي دولة موحدة”. وخلص الكحلاني إلى القول”هناك أبعاد استعمارية وراء مثل هذه السياسة”.