فى تطور غير مسبوق تشهده الساحة السياسية في باكستان أعلن الرئيس برويز مشرف أمس الاثنين استقالته من رئاسة البلاد بعد فترة حكم استمرت تسعة أعوام وبعد مشاورات مطولة.. إعلان الاستقالة جاء قبيل ساعات من جلسة حاسمة للبرلمان لدراسة لائحة اتهامات قدمها الائتلاف الحاكم تمهيداً لعزله .. ومن المقرر أن يستلم رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني محمد ميان سومرو، منصب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة إلى أن يتم تعيين رئيس جديد للبلاد. ووفقاً للدستور فإن رئيس مجلس الشيوخ وهو المجلس الأعلى في البرلمان سيصبح قائماً بأعمال الرئيس وسيجري انتخاب رئيس جديد خلال ثلاثين يوماً لقضاء فترة تستمر خمس سنوات. وتنتخب هيئة انتخابية مؤلفة من أعضاء مجلسي الشيوخ والجمعية الوطنية وأربع مجالس محلية الرئيس. وجاء إعلان مشرف المفاجئ بالاستقالة في خطاب له أمس قال فيه: إنه لا يمكن إثبات التهم التي تشملها المساءلة. ودعا مشرف الباكستانيين إلى مصالحة وطنية، وقال: إنه خدم مصالح الباكستانيين. وأكد الرئيس الباكستاني في خطابه أن المعارضة أطلقت اتهامات خاطئة ضده لتبرير إجراءات إقالته، وقال مشرف: إنه عمل بحسن نية لمواجهة التحديات في البلاد. وأضاف: للأسف أطلق بعض الأشخاص الذين لديهم مصالح شخصية اتهامات خاطئة ضدي وخدعوا الشعب.. الرئيس الباكستاني دافع عن سجله في الحكم، وقال إنه أنجز الكثير على الصعيد الاقتصادي، وإن وضع البلاد حتى أشهر قليلة مضت كان جيداً.. ويرى محللون سياسيون أن اختيار هذا الوقت لبدء إجراءات إقالة مشرف يعود لسببين أولهما داخلي؛ وهو عدم مساندة الجيش لقائده العسكري السابق، إذ لوح الجيش بأنه سينأى بنفسه عن مساندة الرئيس مشرف ضد البرلمان، في إشارة أخرى تحد من إمكان لجوء الرئيس إلى عمل عسكري يضمن بقاءه في مقعده في سدة الرئاسة، كما اعتاد في السابق.. أما السبب الثاني كما يرى المراقبون فهو خارجي؛ ويتمثل في قبول الولايات المتحدة التخلي عن مشرف، حين وجدت البديل الأكثر شعبية على المستوى الداخلي، والدليل على ذلك تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض قبل أيام، بأن الولايات المتحدة لن تقحم نفسها في المسائل الداخلية لباكستان، في إشارة إلى إجراءات عزل مشرف، وهي التي سبق أن تدخلت - ولا تزال تتدخل - سياسياً وعسكرياً في القرارات المصيرية لباكستان، الأمر الذى لا يمكن تفسيره إلا أنه تخل من واشنطن عن حليفها السابق.