تعز لم تعد ناقصة بلاوي جديدة، والذين زاروها مؤخراً اكتشفوا أمرين.. الأول أنها تتوسع بشكل لافت للنظر، والثاني أن أبناءها شوّهوا كل جميل فيها.. وبين ما تشهده من توسعة وما طالها من تشويه، كان لزاماً على محلي تعز أن يبحث عن مخرج يكفل إعادة تأهيلها في كل ما يتعلق بالاختناقات المرورية والأسواق العامة، ولهذا تم الإعلان عن لجنة مخصصة لإعادة تأهيل تعز، برئاسة الأخ شوقي أحمد هائل سعيد - رئيس لجنة التخطيط والتنمية والمالية بالمجلس المحلي، ولقد بادر إلى تكليف الجهات ذات الاختصاص بإعداد دراسات ميدانية تحدد نوع المشكلة وظروفها المحيطة ومن ثم إيجاد حلول جذرية لها.. وبالفعل التقى المعنيون بإعادة تأهيل تعز حول طاولة واحدة، ناقشوا المشكلات العامة دون أن يهملوا تفاصيلها الدقيقة أو يغفلوا حقيقة أن تعز تحتاج إلى ثورة تصحيح، يدعمهم في ذلك رغبة الأخ حمود خالد الصوفي - محافظ تعز، رئيس المجلس المحلي - في وضع بصماته على الخارطة العامة وفي وقتٍ قياسي، وهذا ما شحذ همم لجنة «معالجة الاختناقات المرورية وإزالة التشوهات وتحسين مدينة تعز».. ونظن أن خطوات تحويل تعز إلى مدينة مثالية ستكون مختلفة هذه المرة خاصة وأن ضربة البداية لن تكون من تشجير المداخل أو تزيين الشوارع وإنما من نقل أسواق القات إلى خارج المدينة، والسبب ما تخلّفه هذه الأسواق من كوارث بيئية، تبدأ من أكياس البلاستيك، وتنتهي بتحويل الأسواق إلى حمامات كبيرة بحيث يمكن لأي «مقوّتٍ» أو «مولعي» أن يقضي حاجته في السوق، وكأن الأمر لايخرج عن كونه انتحاراً بطيئاً. أسواق القات داخل الحارات تعد مشكلة، ولهذا نرى أن قرار نقلها إلى الحوبان وبير باشا وعصيفرة على هيئة ثلاث أسواق كبيرة، قرار حكيم، إذا نظرنا إلى حجم الفائدة البيئية التي ستحوّل تعز من مدينة قذرة إلى مدينة نظيفة، لا أكياس بلاستيك، ولا بلاوي معفنة.. وعلى «المولعي» أن يتعامل مع الظروف الجديدة بنظرة مستقبلية ليرى من خلالها الفارق الكبير بين سوق داخل حارة أو سوق خارج المدينة بنظام إداري يقوم على مراقبة السوق وتنظيفه بحيث لايتجاوز ضرره حدود السوق، مع عمل حمامات وكل ما من شأنه الحفاظ على البيئة والإنسان معاً. وفي السياق ذاته ستكون اللجنة المخصصة لإعادة تأهيل تعز معنيّة بنقل أصحاب البسطات المتوزعين في شوارع كثيرة إلى أسواق مخصصة لهم، ومن دون إهانة لكراماتهم، كما يحدث هذه الأيام من أشخاص يبتزونهم تحت مسمى «قيمة العرصة». أسواق البسطات ستتوزع في أرجاء تعز بحيث سيسهل على المواطن التعزي أن يجد ضالته في زيارة واحدة لأي سوق، طالما وأن البسّاطين سيتجمعون في سوق واحد، وسيعملون تحت إدارة مؤهلة تقدم لهم المساعدات متى ما تعاون معها الجميع وتعاملوا مع طموح فتح الأسواق الجديدة بمزيد من الوعي، وبعيداً عن الأنانية. نقل البسطات من الشوارع الرئيسة والفرعية سوف يؤثر إجمالاً على شكل المدينة ، حيث ستصبح لدينا شوارع واسعة.. ومثال على ذلك لكم أن تتخّيلوا - على سبيل المثال - شارع بير باشا من دون أصحاب البسطات الذين يفترشون الشارع الرئيسي، سيظهر بالفعل على نحو يجعلنا أكثر إصراراً على نقلهم إلى سوق خاص بهم!! نتمنى أن يسارع الجميع إلى خدمة الطموحات الجديدة بما في ذلك المخالفين لقواعد السير المرورية، وبحسب علمي أن ثمة إجراءات صارمة سوف تتخذ في حق أصحاب الموترات الذين لايلتزمون بقواعد المرور العامة، وفوق ذلك يجاهرون بأخطائهم، حيث لايلتزمون بمواعيد عملهم المحددة من السابعة صباحاً حتى السابعة مساءً، ولم يكترث البعض بقرار إضافة آلة «المشرعة» لكتم أصوات الموترات المرتفعة ومنع خلط الديزل بالماء، والتزامات أخرى أكثر أهمية هي أن يتوقف شراء وبيع الموترات في تعز لضمان بقاء الحال كما هو عليه الآن.. والغريب أن بعض الأشخاص اشتروا لأنفسهم موترات بحجة الانتظار إلى فرصة فتح باب الجمارك، وهذا يعد من سابع المستحيلات في ظل الظروف الراهنة.. أقصد أن التوجه العام في تعز سوف يمنع أن يبيع «س» من الناس «موتره» الخاص به إلى «ص» من الناس، فكيف سيكون الحال مع شراء وجمركة موترات جديدة..؟! أعتقد أن الأمر سيصبح أصعب من أن يتخيله صاحب «الموتر»، في وقت لن يسمح فيه بمزيد من الانتهاكات، خاصة وأن بعضاً من أصحاب الموترات احترفوا القيام بأعمال مشينة تتعلق بالجانب الأخلاقي، كما وباتوا يهددون حياة عامة الناس بالخطر لتساهلهم وعدم التزامهم بقواعد السير!! إن جملة ما ستقوم به لجنة معالجة الاختناقات المرورية وإزالة التشوهات وتحسين مدينة تعز هي في الأصل إجراءات مقبولة، والأمل في أنها لاتيأس إذا ما اصطدمت بأسوار عالية أو جدران قوية.. وليعلم الأخ شوقي أحمد هائل - رئيس اللجنة - أن تحقيق هكذا إصلاحات سوف يضطره أحياناً إلى اتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من يعترض سيرهم، ناهيك عن جملة المصالح الشخصية التي قد يخسرها البعض بهكذا إصلاحات، ومن أجل الحفاظ علىها قد يلجأون إلى اتخاذ وسائل غاية في السوء.. لهذا نسأل الله أن يوفقكم إلى ما فيه خير مدينة تعز، وثقوا أن 80% من أبناء تعز سوف يقفون معكم في خندق واحد لغرض تحقيق المصلحة العامة، ثقة في كون نقل الأسواق أو رفع أصحاب البسطات وضبط الموترات المخالفة خطوات عملاقة في طريق إنقاذ تعز من الاختناقات المرورية وكل ما يمنع أن تصبح تعز مدينة نظيفة.