متى تكون الفتاة اليمنية ضحية، ومتى تكون مذنبة، كيف تكون مبدعة ومرآة مصقولة تعكس عمق تاريخها وحضارت بلدها؟ أين السبيل الصحيح والأجدر بها ان تسلكه وسط فوضى الأصوات، وضجيج الأفكار المفخخة! الحكاية تبدأ من أول صرخة، كرد الفعل على مشهد اكتشاف تورطها بالزواج من اجنبي، يغادر بها وطنها وأهلها، لتصبح تلك هي خطيئتها الأولى، فيتراوح رد فعلها بين الصبر على ما اختارت وعدم الممانعة، أو العودة إلى الوطن.. الوطن وكفى .. خطيئة تقولها انها لم تذنب فيها، وإنما هي الذنب نفسه، خطيئة يكون مطلوبا منها غالبا أن تعيش العمر تدفع ثمنها، والفتاة اليمنية هنا مذنبة بكل المقاييس، ولكل قاعدة استثناءات. مذكرات عاشقات وفي هذا الاتجاه، وبالنظر إلى ما تجنيه بعض من الفتيات على أنفسهن، نجد ما تطالعنا به وسائل الإعلام كل يوم، أو يخبرنا به علماء الاجتماع، بل الفتيات أنفسهن، عن قصص لفتيات يمنيات ارتأين ان سعادتهن تكمن في ارتباطهن “زواجا” من رجال عرب أو أجانب، شباب او مسنين، ينهالون عليهن بوابل من الحنان حسب مخيلتهن، ويبعدونهن عما يعانينه بين أهاليهن.. ثم تكتشف الواحدة منهن كم هي أخطأت في حق نفسها عندما تقف أمام أبواب المحاكم لتسترد طفلها أو حقوقها المادية . «نجود» تلك الفتاة التي عزمت أمرها على ان سعادتها ستكون مع شاب لبناني، رقيق الكلام كان زميلاً لها في دراستها الجامعية، وحين رفضت أسرتها الثرية هذا الارتباط ، قررت التضحية باسرتها وثروتها، لكنها اكتشفت في وقت متأخر وهما في لبنان مع طفلهما ان الأمر مختلف، فهي مضطرة كل يوم على تقديم مزيد من التنازلات دون ان يشفع لها ذلك عند زوجها وأسرته.. فالضرب لم يكن الشيء الوحيد الذي تلاقيه نجود من زوجها ، فهناك الإهانات المتكررة لها منه ومن أسرته ومشاعر الاحتقار لهذه الغريبة ، لتجد نفسها يوماً وحيدة بعد سفر زوجها الى مدينة لبنانية لاتعلمها مصطحبا ابنهما ، لتبدأ هي رحلة التسول كي تعود إلى الوطن.. والوطن وكفى. وفي سوريا عانت «زينب» من شعورها بالغربة والحدة والحرمان مع زوج مهمل وأسرة لا تطيقها ، حاولت التأقلم مع عالمها الجديد، ولكن دون جدوى فهي غريبة حتى في عيون أطفالها الأربعة وكان عليها ان تقرر ما اذا كانت ستعيش بقية عمرها غريبة كهذا وبعيدا عن مجتمعها وأسرتها ام تفضل العودة الى أهلها لتبتعد بذلك عن ابنائها! هروب من الواقع هذه المآسي لم تردع «منى» وغيرها من الفتيات اللاتي ما زلن يعربن عن رغبتهن الجامحة في الهروب من واقعهن على صهوات الأماني والرومانسية والمبررات الواهية، فهاهي بشرى (24عاما ) طالبة جامعية ترى ان مظهر الأجنبي قد يدفع الفتاة اليمنية لاختياره والقبول به زوجا لها، فيما تؤكد سوسن (22 عاما ) ان الاجانب يؤمنون بحقوق المرأة اكثر من سواهم وخصوصا اليمنيين، اما صباح ( 20 عاما ) فتبحث عن المال والحياة الرغيدة، لأن الاجانب دخلهم المادي جيد وانهم فاهمون الحياة جيدا، وبصراحة تقول فاطمة (25 عاما) لو تقدم لي عفريت سوف اوافق ، وتستغرب ان يكون هناك قانون يمنع على المأذون الشرعي إبرام عقود الزواج ليمنية من أجنبي إلا بعد اخذ موافقة مسبقة من وزارة الداخلية والسفارة التي ينتمي إليها الزوج. دوافع الزيجات حسب خبراء الاجتماع فإن هناك نوعين من الدوافع التي تدفع الفتيات نحو هكذا زواج، وهي دوافع مادية وأخرى اجتماعية، وتتمثل الدوافع المادية في عامل الفقر الذي يدفع الكثير من الفتيات للارتباط بأجانب لتغطية عيوب ونواقص تعانيها اثناء العيش مع اهلها . دوافع اجتماعية اما الدوافع الاجتماعية، فتتمثل في محاولة الفتيات الهروب من العنوسة وما يدور بين المراهقات من أحاديث حول الحب والعلاقات العاطفية وتنافس الفتيات اللاتي يعانين من مشاكل أخلاقية وأسرية، ويتمتعن بمستوى معين من الاخلاق - يتنافسن على مثل هذه العلاقات أو النوع من الزواج.. حيث إن المراهقة لا تجد متسعا من الوقت للتمييز بين الخطأ والصواب ، اذا غاب دور الأسرة، اضافة الى دور ما تبثه محطات التلفزة الفضائية والذي يجعل من الامر مقبولا لديهن ان لم يكن افضل ما تتمناه الفتاة، دون تمييز بين الواقع والخيال.. ويرى هؤلاء ان الزواج المختلط يتسبب في كثير من المشاكل وبالذات اذا تحقق خلاله الإنجاب حيث ان احقية الحضانة هي اكبر المشاكل التي يسببها الزواج المختلط ، وخصوصا في ظل وجود تعارض بين قوانين البلدان حول هذه المسألة.. وفي موضوع متصل يؤكد محامون أن انعدام الوعي القانوني لدى بعض اسر الفتيات اليمنيات يدفعهم للموافقة دون التأكد من استكمال هذه الإجراءات وهو الأمر الذي يتيح الفرصة أمام القادمين للسياحة في اليمن للزواج بيمنيات وتركهن بعد انتهاء رحلاتهم السياحية والذي عرف مؤخرا بالزواج السياحي . إحصائيات رسمية الى ذلك كشفت إحصائية رسمية أن حالات الزواج المختلط في اليمن الموافق عليها رسميا من قبل الجهات المختصة خلال العام الماضي 2007م بلغت 1008 حالات، مسجلة نفس الرقم للعام 2006م, مع انخفاض في حالات زواج الذكور الأجانب باليمنيات . وأوضحت وزارة العدل في إحصائية صادرة عن الإدارة العامة للتوثيق:ان موافقات الزواج المختلط ذكور أجانب بيمنيات بلغ 830 موافقة فيما عدد الذكور اليمنيين المتزوجين بأجنبيات 178 . وكانت حالات الإناث اليمنيات اللاتي تزوجن بأجانب في العام 2006 بلغت 849، فيما عدد الذكور اليمنيين المتزوجين بأجنبيات 159 حالة. وأوضحت الإحصائية أن الجنسية السعودية احتلت المرتبة الأولى ب332 حالة منها 329 زواج ذكور سعوديين بيمنيات، وثلاث حالات فقط زواج ذكور يمنيين بسعوديات، فيما جاءت الجنسية الإماراتية في المرتبة الثانية ب143 حالة منها خمس حالات فقط زواج يمنيين بإماراتيات ، واحتلت المرتبة الثالثة الولاياتالمتحدةالأمريكية ب82 حالة منها 49 حالة زواج إناث أمريكيات بيمنيين مسجلة بذلك المرتبة الأولى من ناحية زواج الذكور اليمنيين بإناث أجنبيات في الزواج المختلط . وحسب احصائية وزارة العدل فإن موافقات الزواج المختلط للعام 2007 احتلت البحرين المرتبة الرابعة ب65 منها أربع حالات زواج يمنيين ببحرينيات ، يليها الصومال 39 منها 19 حالة زواج ذكور يمنيين بصوماليات ، فيما احتلت قطر المرتبة الخامسة ب38 حالة زواج فقط لقطريين بيمنيات، ومصر 31 منها خمس حالات زواج يمنيين بمصريات، وعمان 30 حالة كلها زواج ذكور عمانيين بيمنيات, وجاءت الجنسية البريطانية في المرتبة السادسة ب26 منها ثلاث حالات فقط زواج يمنيين ببريطانيات ، وتوزعت باقي أعداد الزواج المختلط على كافة الجنسيات في انحاء العالم . تنظيم عملية الزواج من أجنبي جدير بالذكر ان وزارة الداخلية اصدرت في العام 1995م لائحة أسمتها لائحة تنظيم الزواج المختلط ، حاولت من خلالها تنظيم عملية الزواج من اجانب والحد من المشاكل التي تحدث بسبب هذا الزواج ، ورغم ان دوافع اصدار اللائحة كانت امنية في المقام الاول ، الا ان اللائحة لم تغفل بعضا من المشاكل والجوانب الاجتماعية . كما أصدرت وزارة العدل مؤخرا تعميما يقضي بإلزام الأمناء الشرعيين “المأذونين” بتطبيق إجراءات تشريعية خاصة لتسجيل زواج اليمنيات من أجانب، والذي يقضي بإلزام الأمناء الشرعيين باستكمال إجراءات هذا الزواج من خلال إحضار الموافقة الكلية من الوزارتين وتدعيمها بموافقة سفارة دولة طالب الزواج من امرأة يمنية.