باتجاه الغد يمضي الجميع.. وينسون أن يتجهوا صوب أنفسهم ولو لمرة واحدة.. كل شهرين.. على الأقل.. ما الذي نحتاجه في هذه اللحظة؟ لا شك أن نرى وجوهنا في المرآة.. ربما سنكتشف أنها غير صالحة للتداول الآدمي.. هو مجرد شك لا أكثر.. علينا تجاوزه.. وإزعاج الآخرين بصورنا هذه..! لنترك الوجوه تمضي.. لنلتفت مثلاً إلى دواخلنا.. ما الذي نحمله في هذه اللحظة؟ لا شك سواد قاتم.. وحقد دفين.. حقد ربما قد يكون على أنفسنا..وإن لم يكن على أقرب الناس لنا.. أو ربما على من نحب.. أو نكره..! ما أسوأ أن تشعر بأنك مجبرٌ على أن تكره شخصاً ما.. ذلك ما لا يمكن تصوره.. قد نجدنا مكرهين على الحب.. أما على الكراهية فهي تفرض نفسها تلقائياً.. ومن لا يكره لا يحب.. أمرٌ مفرغ منه.. ولكن أؤمن جيداً بأن من لا يكره.. هو إنسان وكفى..! ما علينا.. لنرتكن قليلاً إلى أنفسنا.. ونحاول أن نحب من أساؤا لنا.. ولو عن قصدٍ.. وتخطيط مسبق.. لنصفح عنهم.. لنحاول فقط.. ونعيد المحاولة.. ونكرر.. ما الذي سنخسره.. لا يهم.. حتى وإن خسرنا أنفسنا.. لنكون أكثر قدرة على العطاء.. والصفح.. وقد قال أحدهم ”يصفح الصفح فقط حين لا يقبل الصفح”.. هل ثمة أشياء لا تقبل الصفح..؟ إذاً تلك هي من يجب أن نصفح فيها..! لماذا حين نهم بالصفح.. أحياناً لا نستطيع.. ربما لأننا نشعر بإكثارنا إياه.. عندها من الطبيعي أن تقل أهميتك لدى الأطراف الأخرى..من تمارس بحقك كثير من اللا احترام.. وتجد نفسك مكرهاً على ألا تصفح مطلقاً.. لنفعلها مرة واحدة.. فقط.. أعني الصفح..! عندها ربما نعيش بسلام.. ولكن ماذا لو غدوت مستهدفاً؟.. قالها ومضى... لحقته ”ضاحكاً”.. ببساطة انسَ أن تصفح.
حين نكتب.. لا نعني أنفسنا.. يكتب الكاتب عما حوله.. وينسى نفسه كثيراً وسط هذه الزحام... يكتب الكاتب حين يكتب.. فقط ليشعر بأنه تخلص من أشياء في عقله الباطن.. العقل الذي يحتفظ بالجزئيات التي لا نعيرها اهتماماً..فتتراكم لتسبب الانهزام الداخلي.. حين أكتب.. أكتب ما أرى.. وقليلاً.. قليلاً أكتبني..
كم عليّ أن أخسر في هذا العالم.. لأكسبك؟.. وكم يجب أن أخسر نفسي.. لكي أكسبك أيضاً..؟ قال المسيح ذات عطاء ” ما أسوأ أن تكسب العالم وتخسر نفسك”.. لن أفعل ذلك.. سأخسر العالم.. وأكسب نفسي.. فقط..! كنت مستعداً لأخسر كل شيء مقابل أن أجيء.. ولو متأخراً.. الآن صار العكس تماماً.. لن آتي.. مطلقاً لن يجرفني الحنين إلى الخلف.. ولن أكرر تراجعاتي السابقة..! لا يهمني أن أفُهم خطأً..الأهم أن لا أخطئ مجدداً..