تتخوف الدول النامية والأكثر فقرا في العالم من انعكاس الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على تمويل المشروعات التي تدعمها الدول الغنية، بعد أن بدأت الدول المانحة ذاتها تعاني من أزمات مثل البطالة وتراجع النمو الاقتصادي. ويحذر خبراء التنمية من التراجع عن مواصلة دعم الدول الفقيرة لما يمكن أن يتسبب في انتكاسة للجهود التي بدأت منذ سنوات لا سيما في مشروعات التنمية المستدامة. فمن جانبها تؤكد سويسرا ضرورة مواصلة مشروعاتها في الدول النامية ولكن برؤية تتناسب مع الواقع الجديد. وإزاء ذلك قال مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون مارتين داهيندن في المؤتمر الصحفي السنوي للوكالة: إن تأثير الأزمة سيطال الدول النامية ويجب ألا تتراخى الدول الغنية في المضي قدما لتمويل مشروعات التنمية وفق أهداف الألفية التي وضعتها الأممالمتحدة لعلاج مشكلات الدول النامية والأكثر فقرا في العالم مع حلول عام 2015. تداعيات متوقعة وأضاف داهيندن في حديث للجزيرة نت أن أغلب الدول المانحة لم تتوقع حتى نهاية العام الماضي أن تداعيات الأزمة التي تكمن أسبابها في الغرب ستطال الدول النامية أيضا ولكن بات واضحا أنها ستتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عدة أوجه. وأوضح الدبلوماسي السويسري أن تلك التداعيات تتمثل في تراجع تحويلات العمال الأجانب التي تشكل جزءاً هاماً في اقتصادات الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، إذ سيكون العمال الأجانب هم في طليعة المتضررين من تداعيات الأزمة. وكانت تحويلات العمال الأجانب إلى بلادهم في عام 2007 بلغت 337 مليار دولار من بينها 240 مليارا توجهت إلى الدول النامية، وفق بيانات منظمة الهجرة الدولية بجنيف. كما يشير داهيندن إلى أن البطالة التي ستنتشر في الدول الصناعية قد تؤدي إلى موجات هجرة معاكسة إما على شكل عودة الأجانب إلى ديارهم أو هجرة العاطلين بحثا عن فرص عمل جديدة في دول أخرى. في الوقت نفسه نبه إلى احتمالية كبيرة لتراجع الاستثمارات الأجنبية في الدول النامية وستقل عائدات السياحة، التي تمثل عائدا جيدا للعديد من الدول، في حين ستقل تبرعات مواطني الدول الغنية التي تساهم في مواجهة الكوارث الإنسانية. ورأى أن ميزانيات مشاريع التنمية الأوروبية لن تتراجع هذا العام لأنها معتمدة منذ العالم الماضي وإنما ستظهر مشكلات التمويل العام المقبل، وهو ما سيؤدي إلى تركيز مشروعات التنمية على المجالات التي تتطلب تدخلاً سريعاً في الدول الأكثر فقراً.