يومياً يقف الطفل يوسف محمد ضبعان، وصديقه باسم على رصيف جامعة صنعاء الجديدة بانتظار زبائن “اكسسواراتهم” أو بالأصح طالبات الجامعة اللاتي يقبلن على شراء ما يبيعه يوسف، وباسم. يوسف الذي جاء من إب قبل أن يكمل دراسته،فقد وصل في دراسته إلى الصف الثامن..وحين اكتشف أنه “ما فيش خراج” على حد قوله توقف وصعد إلى صنعاء باحثاً عن أحلامه على أرصفة المدينة التي لا ترد أحداً من على أبوابها.. منذ شهر وهو يبيع على رصيف جامعة صنعاء الجديدة..زبائنه من البنات..فقط..وهن أفضل في التعامل من الرجال يقصد “الطلاب” كما يقول يوسف وصديقه في الشقاء باسم.. لباسم أمنية واحدة..وهي بسيطة للغاية أن يشتغل ويطلب الله يجمع “الزلط”....ليتزوج فيما بعد..وبنبرة حزنٍ شديدة يضيف يوسف بأنه ترك الدراسة ليشقي على نفسه واخوته في إب. يوسف لم يعد يريد أن يكمل الدراسة- يريد فقط – أن يعيش بأمان..ذلك ما قاله وهو يحدق ملياً في وجوه المارة..مصوباً سهام عينيه نحو الجميع..وفجأة يتركني ليتجه صوب أنثى وقفت تقلب بعض إكسسواراته. هاهو يبيعها بعض الأشياء..لم يعرني أدنى اهتمام بعد ذلك..لم أعد أهمه مطلقاً..! يوسف الذي يقرأ من الصحف ما يقع في يديه..ويتذكر جيداً حرب غزة، ولكنها لا تهمه على كل حال..ما يهمه هو أن يبيع..ويعود إلى البيت بوفرة من الريالات. بالنسبة لباسم فعلى مضض قال اسمه..وقد يكون اسماً مستعاراً، ويبدو أن حظه في القراءة أكبر من يوسف فهو يعرف صحيفة الجمهورية، ويقرأ ملحق فنون، والملاعب، ويعرف السوق سابقاً لكنه لا يقرأه،يدرس الآن في الصف السابع، وليس ببعيد أنه يهرب من المدرسة ليجلس مع يوسف من تعرف إليه في الجامعة القديمة، وبعد انتقال يوسف إلى رصيف الجامعة الجديدة لحقه”باسم”، وهما اللحظة من حارة واحدة. باسم يقول ضاحكاً بأن الدراسة شيء مزعج، ولكنها “حالية”، فمن يدرس وينهي دراسته لا يحصل في النهاية على وظيفة، فلماذا ندرس يتساءل باسم؟ وأجيبه..لنتعلم!! فيقول: يكفي أنني أقرأ، وأكتب..هذا الإحباط الذي تسلل إلى باسم وهو مازال طفلاً لم يتعد الرابعة عشرة من عمره، ويبدو محبطاً للغاية..ومع ذلك يؤمن بأن هناك ما يجب أن ننتظره كما يقول..أما يوسف فمازال مشغولاً بالطالبات اللاتي تجمعن حول بضاعته، لقد نسيني تماماً..لا بأس، سأدعه وأمشي.!!